فَاجْرُرْهُ بِالْحَرْفِ وجوباً، فاجرره بـ (اللام) وجوباً، وما يقوم مقامها، والظاهر أن النسخة بـ (اللام) هي مراد المصنف؛ لأنه قال بعد ذلك: وَقَلَّ أَنْ يَصْحَبَهَا الْمُجَرَّدُ وقل أن يصحبها ما هي؟؟؟؟ هذا الظاهر والله أعلم، أوله بعضهم: قل أن يصحبها حرف الجر بتأويل الكلمة، يَصْحَبَهَا يعني الكلمة أوَّل حرف، فَاجْرُرْهُ بِالْحَرْفِ فاجرره بالكلمة، التي هي حرف، فأول الحرف بالكلمة وأعاد الضمير عليها بالتأويل، فهذا فيه بُعد، إذاً فَاجْرُرْهُ بِالْحَرْفِ أو بـ (اللام) نقول: سيان، لكن الظاهر هي بـ (اللام)، ولذلك هي التي شرح عليها الأشموني بـ (اللام)، وأما التي شرح عليها المكودي بالحرف، على كل هذا وذاك ليس بقرآن.
فَاجْرُرْهُ بِالْحَرْفِ وَإنْ شَرْطٌ فُقِدْ، مثال ما فقد المصدرية نحو قوله تعالى: ((هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا)) [البقرة:29] هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ (اللام) هذه (لامُ) التعليل فتحت من أجلِ -الأصل فيها الكسر، لتأديبٍ مكسورة هذا الأصل فيها،- فتحت هنا من أجل دخولها على الضمير (له) (لك) فحرف الجر هنا يفتح، فإن المخاطبين هم العلة في الخلق، ((هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ)) [البقرة:29] لم خلق؟ لكم، إذاً صح أن يقع في جواب لِمَ، فالخلق هو الحدث، وهو معلل، والعلة هو المخاطبون بهذه الآية، وخفض ضميرهم بـ (اللام)؛ لأنه ليس مصدراً فقال: (لَكُمْ)، إذاً مثال ما انتفى فيه المصدرية قوله تعالى: ((هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ)) [البقرة:29]، ومثال ما فقد اتحاد الزمن قول الشاعر:
فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَا ... لَدَى السِّتْرِ إِلا لِبْسَةَ الْمُتَفَضِّل
النَّوْمُ هو علة، جِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ، يعني خلعت، لِنَوْمٍ ثِيَابَهَا، خلع الثياب لمَ؟ لمَ خلعت؟ للنوم، فالنوم علة، إذاً النوم مصدر، وهو معلل، والفاعل واحد، حينئذٍ نقول: ما الذي فقد هنا؟ هو اتحاد الزمن؛ لأن خلع الثياب سابق على النوم، لا يكون مع النوم، حينئذٍ نقول: جئت وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَا، لِنَوْمٍ وجب جره بـ (اللام) مع كونه مصدراً معللاً لماذا؟ لفقد شرط اتحاد الوقت، إذ خلع الثياب هذا سابق على النوم مع كون الفاعل واحداً.
ومثال فقد اتحاد الفاعل قول الشاعر:
وَإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ ... كَمَا انْتَفَضَ الْعُصْفُورُ بَلّلَهُ الْقَطْرُ
وَإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ، الذكرى هي علة عرو الهزة، تذكر فحصلت له هزة، كمثل العصفور إذا جاء عليه مطر ينتفض، هذا مثلها، إذا تذكرها انتفض، سبحان الله! فإن الذكرى هي علة عرو الهزة، وزمنهما واحد، الزمن واحد، ولكن اختلف الفاعل، ففاعل العرو هو الهزة، وفاعل الذكرى هو المتكلم؛ لأن المعنى لذكري إياكِ، فلما اختلف الفاعل وجب جره بـ (اللام).