وَهْوَ أي المصدر المعلِّل، بِمَا يَعْمَلُ فِيهِ مُتَّحِدْ، بِمَا (الباء) بمعنى مع، يعني: مع ما يعمل فيه متحد، مُتَّحِدْ هذا خبر وَهْوَ، وَهْوَ، بإسكان (الهاء) للوزن، وَهْوَ أي المصدر المعلل، متحد بما يعمل فيه، وما الذي يعمل فيه؟ الحدث إما أن يكون في ضمن الفعل أو الوصف أو المصدر، وَهْوَ بِمَا يَعْمَلُ فِيهِ مُتَّحِدْ، وَهْوَ أي المصدر المعلل، مُتَّحِدْ مع ما يعمل فيه وَقْتاً يعني في وقتٍ، منصوبٌ على نزع الخافض، وَفَاعِلٍ كذلك منصوب على نزع الخافض، ويحتمل أنهما تمييزان. وَقْتاً وَفَاعِلاً بمعنى أنه يشترط أن يكون وقت إيقاع المصدر هو وقت إيقاع الحدث، العامل فيه، ضربت ابني تأديباً، أن يكون التأديب في زمن الضرب، وأن يكون فاعل التأديب، وفاعل الضرب واحد، فإن انتفيا أو انتفى واحد منهما حينئذٍ انتفى وصف المفعول له، ورجع إلى أصله، وهو من وجوب جره بحرف التعليل.
وَهْو بِمَا يَعْمَلُ فِيهِ مُتَّحِدْ وَقْتاً وَفَاعِلاً .. لم يذكر هنا كونه قلبياً، هذا شرط خامس قد زاده البعض، كونه قلبياً، يعني: المصدر أن يكون قلبياً، احترازاً من أفعال الجوارح، فإذا كان المصدر مبيناً لفعل من أفعال الجوارح، جئتك قراءة للعلم، قراءةً هذا مصدر معلل متحد مع الحدث فاعلاً ووقتاً، وُجِدت فيه الشروط الأربعة، لكن قراءة هذا ليس بعمل قلبي، وإنما هو عمل بالجوارح، قالوا: هذا ليس مصدراً، لا يصح نصبه على أنه مفعول له لماذا؟ لأن القراءة فعل من أفعال الجوارح والحواس، ويشترط في المصدر المنصوب على المفعولية له أن يكون قلبياً، قيل: استغنى عن اشتراط كونه قلبياً لاشتراط اتحاد الوقت، لأن أفعال الجوارح لا تجتمع في الوقت مع الفعل المعلِّل، كأنه اكتفى بقوله: وقتاً، وَهْوَ بِمَا يَعْمَلُ فِيهِ مُتَّحِدْ وَقْتاً، هذا يدل على أن المصدر لا يكون إلا قلبياً؛ لأنه لا يجتمع مع الحدث -الفاعل له- في الوقت إلا إذا كان قلبياً، وأما أفعال الجوارح فلا يتصور فيها ذلك الاجتماع في الزمن، فبهذا استغني عن اشتراط كونه قلبياً؛ لأن أفعال الجوارح لا تجتمع في الوقت مع الفعل المعلِّل، فلا يصح حينئذٍ قولك: جئتك قراءة للعلم.