وقيل: تنوينهما تنوين تمكين؛ لأن مدخوله معرب منصرف، ومثلها: أيٌّ، وهل يمكن أن يكون التنوين الواحد له اعتباران؟ يكون باعتباٍر تمكين، وباعتبارٍ عوض عن مضاف إليه؟ هذا جوزه الرضي ومنعه الكثير؛ لأنه حرف معنىً دالاً على معنىً معين، وهو وضع شخصي، كما وضع لفظ بيت ومسجد للمعنى الخاص، كذلك تنوين التنكير وتنوين التمكين كل واحد منها وضع لمعنىً خاص، فحينئذٍ لا يستعمل في المعنى الآخر.

الرابع: تنوين المقابلة، من إضافة المسبَّب إلى السبب، وهو اللاحق لجمع المؤنث السالم، وهذا بعضهم أنكره من أصله؛ لأن جمع المؤنث السالم كما قلنا: معرب منصرف، لكن لما وجد بعض العلل التي لا يمكن إلحاق هذا التنوين بالتمكين ولا التنكير ولا العوض حينئذٍ أنشأ له النحاة اسماً خاصاً، وأفردوه بعنوان خاص، من باب طرد الأصول فحسب.

تنوين المقابلة من إضافة المسبَّب إلى السبب، وهو اللاحق لجمع المؤنث السالم، سمي بذلك؛ لأنه في مقابلة النون في جمع المذكر السالم في نحو: مسلمين، مسلمين .. مسلمون، هذا جمع مسلم، ومسلمٌ بالتنوين، هذا التنوين ما نوعه؟ تمكين .. تنوين تمكين، لما جُمِعَ جَمْعَ مذكر سالم سلب هذا التنوين .. سلب هذا التنوين تنوين التمكين، نقص أو لا؟ نقص، حصل له الخلل أو لا؟ حصل له خلل؛ لأنه كان بالتنوين دالاً على أنه متمكن في هذا الباب، فإذا سلب منه التنوين نزل درجة، وهذا طعن فيه، فلا بد من تعويضه، فقالوا: مسلمون: هذه النون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وقيل: للدلالة على كمال الاسم، والثاني أولى وسيأتي في محله: أنه دال على كمال الاسم دفعاً لتوهم إضافة، ونحو ذلك.

إذاً: لما وجدوا أن هذه النون في تنوين نحو: مسلمٌ، عُوِّضَ عن التنوين هذه النون، قالوا: كذلك نقول: هندٌ، هذا التنوين ما نوعه؟ تنوين تمكين، فإذا جمعته بألف وتاء فقلت: هنداتٌ التنوين هذا يدل على ماذا؟ يدل على أن الاسم قبل الجمع منون، هذا أولاً، ثم لما لم يمكن طرد هذا التنوين في كل الباب قالوا: لا بد من استنباط علة تدل على أن هذا التنوين في هندات له معنى، وليس ثم معنىً يمكن ارتباطه بهذا التنوين في هندات إلا أن يجعل في مقابلة النون في مسلمين، وهذا كما تسمع فيه نوع تكلف.

إذاً: هذا التنوين في جمع المؤنث السالم سمي به لأنه في مقابلة النون في جمع المذكر السالم، وليس بتنوين الصرف، ليس بتنوين الصرف لثبوته فيما لا ينصرف منه، وهو ما سمي به مؤنث كأذرعات كما سيأتي: ((فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ)) [البقرة:198] عرفات: هذا ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث، ومع ذلك نون، إذاً: ننفي أن يكون هذا التنوين تنوين صرف؛ لأن تنوين الصرف لا يجامع الممنوع من الصرف؛ لاجتماع مانعي الصرف فيه وهما العلمية والتأنيث، وتنوين الصرف لا يجامع العلتين، إذاً: انتفى النوع الأول، هل يمكن أن يكون: أذرعات وعرفات تنوين تنكير؟ لا، لا يمكن؛ لأن تنوين التنكير خاص ببعض المبنيات وهما: العلم المختوم بويه وهذا ليس منه، واسم الفعل وهذا ليس منه، إذاً: انتفى أن يكون تنوين تنكير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015