وَمَا لِتَوْكِيدٍ فَوَحِّدْ، وحد ما لتوكيد، إذاً مَا هذه في محل نصب مفعول به، لِتَوْكِيدٍ يعني وما سيق من المصادر لِتَوْكِيدٍ، وتَوْكِيدٍ هذا متعلق بمحذوف صلة الموصول، مَا هذه واقعة على المصدر المؤكِّد، لِتَوْكِيدٍ هذا متعلق بمحذوف صلة الموصول، سيق من المصادر، فَوَحِّدْ يعني اجعله واحداً، أَبَدَا: في مدة الأزمنة القادمة، تأبيد للماضي والمستقبل، أَبَدَا، فحينئذٍ لا يثنى ولا يجمع، والعلة ما ذكرناها أنه بمنزلة تكرير الفعل.

أيضاً من جهة أخرى أن ضرباً هذا اسم جنس مبهم، واسم الجنس يدل على الحقيقة قلَّت أم كثرت. إذا قيل: ماء هذا اسم جنس إفرادي يعني يدل على الحقيقة قل الماء أو كثر، القطرة تقول: هذا ماء، تأتي عند النهر تقول: هذا ماء، عند البحر تقول: هذا ماء. إذاً لفظ واحد صدق على القليل والكثير، الضرب أياً كان نوعه تقول: هذا ضرب هذا ضرب، إذاً اسم جنس مبهم.

إذا كانت الحقيقة شيئاً واحداً، حينئذٍ هل يوجد فرد آخر من أجل أن يضم إليها فيثنى؟ لا يوجد، إذاً يمتنع وجود فرد آخر، وشرط التثنية والجمع، أن يكون لمتعدد، لشيء موجود في الخارج، له وجود في الخارج، وأن يكون له مرادف في اللفظ، زيد وزيد، هذا زيد موجود وهذا موجود، إذاً فردان، فقلت: الزيدان، زيد وزيد وزيد قلت: الزيدون، إذاً الأفراد موجودة، أما ضرب المراد به اسم الجنس –الحقيقة-، والحقيقة شيء واحد سواء كانت في الذهن أو في الخارج في ضمن أفرادها، حينئذٍ هذه لا تقبل التعدد، قلنا: الكلي وجوده وجود ذهني، ولا يقبل التعدد، وإنما التعدد يكون باعتبار الآحاد والأفراد، ووجود الآحاد والأفراد إنما يكون في خارج الذهن لا في داخل الذهن.

إذاً يمتنع تثنية المصدر المؤكِّد وجمعه لسببين: أولاً: أنه بمنزلة تكرير الفعل ضربت ضربت، والفعل لا يكرر .. لا يثنى، ولا يجمع. ثانياً: ضرباً المصدر المؤكِّد هذا اسم جنس مبهم، وهو دال على الحقيقة، وما دل على الحقيقة فهو شيء واحد لا يقبل التعدد فليس ثَمَّ فرد آخر نحتاج إلى ضمه إلى هذا الفرد فنثنيه أو نجمعه.

وَثَنِّ وَاجْمَعْ غَيْرَهُ .. وَثَنِّ وَاجْمَعْ

إِنْ عَامِلاَنِ اقْتَضَيَا فِي اسْمٍ عَمَلْ ... قَبْلُ فَلِلْوَاحِدِ مِنْهُمَا الْعَمَلْ

ثَنِّ غيره، وَاجْمَعْ غيره، أعملنا الثاني أو الأول؟ لو أعمل الأول ثَنِّ غَيْرَهُ وجب أن يضمر في الثاني عند جمهور البصريين، لو أعمل الأول وَثَنِّ غَيْرَهُ، غيره مفعول به لـ ثَنِّ، وجب الإضمار في الثاني، وهو وَاجْمَعْ، وجب الإضمار في الثاني وهو: وَاجْمَعْ، هنا لم يضمر، دل على أنه أعمل الثاني، ولم يعمل الأول، حينئذٍ وَاجْمَعْ غَيْرَهُ، غَيْرَهُ هذا مفعول لـ َاجْمَعْ، وَثَنِّ هذا وجب حذفه: وَلاَ تَجِىءْ مَعْ أَوَّلٍ قَدْ أُهْمِلاَ ... بَلْ حَذْفَهُ الْزَمْ سواء قلنا حذفه ابتداء أم أتينا به ثم حذفناه، بعضهم يقول: تضمر فيه أولاً ثم تحذفه، وهذا أو ذاك، المهم النتيجة أنه يجب حذفه.

إذاً وَثَنِّ غيره، المصدر المؤكِّد، وَاجْمَعْ غير المؤكِّد هذا يصدق غيره -غير المؤكد شيئان-؛ لأن القسمة ثلاثية، إن لم يكن مؤكِّداً فهو إما نوعي وإما عددي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015