وَقَدْ يَنُوبُ عَنْهُ أي عن المصدر المتأصل في المفعولية المطلقة، وهو ما كان من لفظ عامله، لا مطلق المصدر، حتى يرد أن المفعول المطلق في وَافْرَحِ الْجَذَلْ مصدر، المراد هنا في النيابة عن المصدر، مصدر ناب عن مصدر، المصدر المتأصل في باب المفعولية المطلقة ما كان موافقاً لعامله في اللفظ والمعنى، هذا هو الأصل، فإن خالف فليس بأصل بل هو نائب عنه، حينئذٍ نقول: القاعدة هنا، الأصل في المفعول المطلق أن يكون من لفظ العامل فيه ومعناه، هذا الأصل؛ فالأصل في المفعول المطلق أن يكون من لفظ العامل فيه ومعناه، نحو ضربت ضرباً، وقد ينوب عنه ما دل عليه من مغاير لفظ العامل فيه، نحو: جِدَّ كُلَّ الْجِدِّ الذي ذكره الناظم هنا، جِدَّ هذا فعل أمر، كُلَّ الْجِدِّ، كُلَّ هذا لفظ مضاف إلى المصدر، ليس هو مصدر، وإنما اكتسب معنى المصدرية من المضاف إليه؛ لأن كُلَّ هذه باعتبار مضاف إليه، إن أضيفت إلى زمن فهي ظرف زمان، وإن أضيفت إلى مكان فهي ظرف مكان، وإن أضيفت إلى مصدر فهي مصدر، إذاً مصدر بالقوة، إذاً هو في قوة المصدر؛ لأنه ليس من لفظ الفعل.
جِدَّ كُلَّ الْجِدِّ، فكلُّ –بالنصب- منصوب على أنه مفعول مطلق، وليس من لفظ جِدَّ، لكنه دال عليه لإضافته إلى لمصدر الذي هو من لفظ الفعل، ومثله وَافْرَحِ الْجَذَلْ، فإن الجذل هو الفرح.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين ... !!!