إذاً أوْ نَوْعاً يُبِينُ، المراد بالمصدر إذا دل على نوع عامله بوجه من الوجوه إما بإضافة وإما بعلمية، وإما بـ (أل)، وإما بوصف، وإما أي شيء يدل على التخصيص، حينئذٍ نقول: هذا مبين للنوعِ، فالفرق بينه وبين التوكيد، أن التوكيد يأتي مطلقاً هكذا (ضرباً)، لا يتصل به أي شيء لا إضافة، ولا (أل)، ولا .. إلى آخره، كل ما ذكر لا يتصل بهذا المصدر، حينئذٍ نقول: هذا مؤكِّد، ضربت ضرباً، ولذلك قلنا: ضرباً يشترط فيه أن يكون مصدراً منكراً غير مضاف، ولا موصوف، ولا محلىً بـ (أل)، والمبين للنوع، حينئذٍ كل ما اتصل به مما يفيد تخصيص ذلك المصدر، حينئذٍ لو قيل بأنه كل ما أفاد شيئاً من خصائص العامل فهو نوعي.
أَوْ عَدَدْ، هذا النوع الثالث، أَوْ عَدَدْ يعني المصدر المسوق مفعولاً مطلقاً لبيان عدد عامله، مثل ما مثل الناظم: سَيْرَتَيْنِ، سِرْتُ سَيْرَتَيْنِ؛ لأن السير قد يختلف، سَيرٌ في أول الليل، سَيرٌ في آخر الليل، سَيرٌ خفيف، سَيرٌ قوي، سَيرُ ذي رشدي، سَيرُ سفيه.
إذاً سَيْرَتَيْنِ: يعني مرتين.
إذاً المفعول المطلق، قد يكون مبيناً لعدد عامله، يعني: عدد مرات إيقاع العامل، فإن وقع مرة واحدة قال: ضربتُ ضربةً بـ (التاء)، إن وقع مرتين قال: ضربتُ ضربتين، إن وقع مرات ضربت ضربات، إذاً بيَّن عدد وقوع العامل.
وهذا يكون في ثلاث صور: أن يكون مصدراً مختوماً بتاء الوحدة، ضربته ضربة.
أن يكون مصدراً مختوماًَ بعلامة تثنية أو جمع، ضربته ضربتين أو ضربات، ومنه مثال الناظم.
ثالثاً: أن يكون المفعول المطلق اسم عدد مميزاً بمصدر، اسم عدد مثل: (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً)) [النور:4] ثَمَانِينَ هذا اسم عدد مميز بمصدر، حينئذٍ نقول: هذا نائب عن المفعول المطلق.
في هذه الصور الثلاث يُحدَد العددي، كما حُدِّد النوعي في ثماني صور، وأما التوكيدي فليس له إلا صورة واحدة، وهي كونه منكراً غير مضاف ولا موصوف.
تَوْكِيدَاً أَوْ نَوْعاً يُبِينُ أَوْ عَدَدْ ... كَسِرْتُ سَيْرَتَيْنِ سَيْرَ ذِي رَشَدْ
قال الشارح: المفعول المطلق يقع على ثلاثة أحوال: أن يكون مؤكِّداً، وهو ما جرد عن الوصف وعن الإضافة: ضربت ضرباً، والثاني أن يكون مبيناً للنوع: سِرْتُ سَيْرَ، سير هذا مصدر، والمصدر اسم جنس مبهم، هذا الأصل فيه، اسم جنس مبهم يعني يحتاج إلى تفصيل، وهو يقع على القليل، والكثير كـ: ماء، وعسل، وخل، وزيت، قلنا: هذا اسم جنس إفرادي يقع على القليل والكثير، كذلك اسم الجنس المبهم كضرب يقع على القليل والكثير، تقول: ضرب زيد ضرباً أبهمت، وهذا (ضرباً) يحتمل ضرباً قليلاً كثيراً مرةً مرتين عشراً، مؤلم غير مؤلم، محتمل للكل، فهو اسم جنس مبهم.
سرت سيراً حسناً، للوصف.
أن يكون مبيناً للعدد، من لفظ المصدر، هذا الأصل فيه: ضربته ضربةً من نفس المصدر، ضربتين ضربات، أما ثمانين جلدة هذا من النائب عن المصدر.
إذاً هذه ثلاثة أنواع للمفعول المطلق.