وأما دلالته على الزمن فهذه مأخوذة بالصيغة، وهذه مبحثها عند الصرفيين، ما كان على وزن كذا فهو ماضٍ، وما كان على وزن كذا فهو مضارع، وما كان على وزن كذا فهو أمر، حينئذٍ يحدد الماضي، ولذلك له عند التجرد له ثلاثة أوزان فَعَل فَعِل فَعُل، كذلك المضارع: يَفْعُل يَفْعِل يَفْعَل، ثم بزيادة أحرف المضارعة، الأمر، حينئذٍ نقول: بهذه الصيغ، هي التي تدل على الفعل على الذي دل عليه الفعل، فمعرفة الزمن من جهة الصيغة، ومعرفة المصدر من جهة المادة.
بقي دلالته على شيئين اثنين: الفاعل والمكان، فهي دلالة التزامية؛ لأن اللفظ لا يدل على المكان، وكذلك على الفاعل، لا يدل على الفاعل، اللفظ قام لا يدل على الفاعل، ولا يدل على المكان، فدلالة الفعل على الزمن أقوى من دلالة الفعل على المكان؛ لأن دلالة الفعل على الزمن دلالة تضمنية بالمطابقة بالوضع، أصل الوضع، ودلالته على المكانة، دلالة التزامية، دلالته على الفاعل، دلالة التزامية، لازم له، ولذلك بعضهم يجعل هذا الجزء في وضع الفعل فيقول: الفعل مركب من ثلاثة أشياء، ليس من شيئين، مركب من ثلاثة أشياء: المصدر والزمن والنسبة إلى فاعلٍ ما، هذه النسبة إلى فاعلٍ ما، مأخوذة بدلالة الالتزام، لكن هل هي مرادة عند الواضع وضعاً أم التزاماً، هذا محل نزاع، والأشهر أنه بدلالة التزام، وأن الفعل يدل على شيئين اثنين فقط.
اَلْمَصْدَرُ -أراد أن يعرفه- اسْمُ: يعني هو، اسْمُ يدل على مَا سِوَى الزَّمَانِ، ما هو سِوَى الزَّمَانِ؟ هو الحدث؛ لأنه ليس عندنا إلا اثنان، إما زمان وإما حدث، مَا سِوَى الزَّمَانِ هو الحدث، والمصدر اسم الحدث، والحدث ما هو؟ هو ما يقوم به الفاعل، ما يفعله الفاعل، يعني: نحن نبحث عن ألفاظ، ومدلول الألفاظ قائمة بحركات الناس وسكناتهم، إذا قلت: نام، النوم أين يحدث في الفم أم خارج الفم؟ إذا قلت: نام، النوم له حقيقة، نام زيدٌ، فقلت: زيد، زيد أين هو في فمك أم خارج؟ إذاً المعاني التي تدل عليها الألفاظ، هذه موجودة في الخارج في الواقع، والألفاظ هذه أدلة عليها.
اَلْمَصْدَرُ اسْمُ مَا سِوَى الزَّمَانِ يعني: اسم الحدث الجاري على الفاعل، فإذا قلت: ضربٌ، نقول: ضربٌ هذا مصدر، نحن قلنا: الحدث، أين هو الحدث؟ إذا قلت: ضربٌ، ضربٌ هذا في فمك، ما يصدق عليه ضربٌ أين هو؟ في الخارج، إذاً ليس هو بلغو، الذي يكون محسوساً اسمه ضرب، ضربٌ اسمه مصدر. إذاً المصدر اسم مسماه اللفظ، سبق معنا أن الكلمة قد تطلق ويكون مسماها ذات كزيد، أو معنىً كعلم، وعقل، وقد يكون مسماها لفظاً، تقول: زيدٌ كلمةٌ، كلمة في هذا التركيب اسم، مسماه لفظ زيد، هنا إذا قلت: مصدراً، قتلٌ مصدر، ضربٌ مصدر، أكلٌ مصدر. إذاً مصدر هذا اسم، مسماه اللفظ، وأما اللفظ المسمى الذي هو الضرب، اسم الحدث الجاري الواقع من الشخص نفسه.
اَلْمَصْدَرُ اسْمُ مَا سِوَى الزَّمَانِ مِنْ ... مَدْلُولَيِ الْفِعْلِ .. وهو الحدث.