هنا قال: (وَأَظْهِرِ)، يعني ضمير المتنازع ائْتِ به اسماً ظاهراً ولا تضمره أظهر، أظهر هذا عكس أضمر، حينئذ أظهر يعني ائْتِ به اسماً ظاهراً لا ضميراً، إِنْ يَكُنْ ضَمِيرٌ خَبَرَا، إِنْ يَكُنْ ضَمِيرٌ لو أضمر، ضمير باعتبار الأصل، قلنا الأصل يظنانِ إياه إياهما هذا الأصل أنه مضمر، لكن قال: إِنْ يَكُنْ ضَمِيرٌ هذا اسم يكن، لو أضمر خبراً في الأصل: لِغَيْرِ مَا يُطَابِقُ الْمُفَسِّرَا، يعني لمبتدأ لا يطابق المفسِّرا، المبتدأ عندنا الياء مفرد، والمفسِّر مثنى، إذاً لا يمكن، إذا لم يتطابق المبتدأ والمفسِّر لا يمكن أن نأتي بضمير يوافق الطرفين، فنقول: الياء مفرد، هنا مبتدأ في الأصل والمفسِّر مثنى، فلا بد من ضمير يعود عليهما معاً في وقت واحد ويوافق الاثنين هذا ممتنع.
(لِغَيْرِ مَا يُطَابِقُ الْمُفَسِّرَا): مُفَسِّرَا الألف للإطلاق، مفسِّر المرجع وهو الاسم الظاهر.
لِغَيْرِ مَا يُطَابِقُ الْمُفَسِّرَا: يعني لمبتدأ لا يطابق المفسِّرا، وإذا لم يتطابقا حينئذٍ لا بد من إخراجها عن باب التنازع لإعمال المهل في الاسم الظاهر، نحو المثال الذي ذكرناه.
فِي الرَّخَا: هذا تتميم.
تقرير المثال الذي ذكرناه، وهو قوله: أَخَوَيْنِ نقول تنازع فيه أظن؛ لأنه يطلبه مفعولاً ثانياً، أخوين في المثال هذا تنازع فيه أظن؛ لأنه يطلبه مفعولاً ثانياً، إذ مفعوله الأول زيداً، وَيَظُنَّانِي؛ لأنه يطلبه مفعولاً ثانياً، فأُعمل فيه الأول: أظن زيداً وعمراً -معطوف عليه- أخوين، أُعمل فيه الأول، وبقي يَظُنَّانِي يحتاج إلى المفعول الثاني، فلو أتيت به ضميراً مفرداً فقلت: أظن ويظناني إياه زيداً وعمراً أخوين، لكان مطابقاً للياء غير مطابق لما يعود عليه وهو أخوين، ولو أتيت به ضميراً مثنىً، فقلت: أظن ويظنانِ إياهما زيداً وعمراً أخوين، لم يطابق الياء الذي هو خبرٌ عنه، فتعين الإظهار فخرجت المسألة من باب التنازع؛ لأن كلاً من العاملين قد عمل في ظاهر، هذا مثل ضربتُ زيداً وأكرمتُ زيداً، فلا فرق بينهما.
إذاً أُعمل الأول، فزيداً وعمراً أخوين مفعولا أََظُنُّ، وأخاً هذا ثاني مفعولي وَيَظُنَّانِي، وجيء به مظهراً لتعذر إضماره؛ لأنه لو أضمر فإما أن يضمر مفرداً مراعاة للمخبر عنه في الأصل، وهو الياء من وَيَظُنَّانِي، فيخالف مفسِّره، وهو أخوين في التثنية، وإما أن يثنى مراعاة للمفسِّر فيخالف المخبر عنه وكلاهما ممتنع عند البصريين.
إذاً (وَأَظْهِرِ انْ يَكُنْ ضَمِيرٌ خَبَرا) يعني في الأصل.
(لِغَيْرِ مَا يُطَابِقُ الْمُفَسِّرا) في الإفراد والتذكير وفروعها، لتعذر الحذف بكونه عمدة، والإضمار بعدم مطابقة، فتعين الإظهار.
وتخرج المسألة من هذا الباب، هذا الكثير على أن المسألة خرجت، لكن الصبَّان نازع، قال: خرجت في بعضها دون بعض.
قال هنا: وتخرج المسألة من هذا الباب أي بالنسبة إلى لمفعول الثاني، لا بالنسبة إلى المفعول الأول، -وهذا فيه كلفة، بل الصواب أنها خرجت مطلقاً، وأما التفصيل بين مفعولين، وأنه داخل في الباب وهذا خارج هذا فيه تكلف-، فأعملنا في مثالنا الأول وأضمرنا في الثاني ضميره وهو الألف في يَظُنَّانِي، -على كل هذا ليس بقول وجيه-.