ثم قال رحمه الله: [فإن كان الحق فيما يقول هؤلاء السالبون النافون للصفات الثابتة في الكتاب والسنة من هذه العبارات ونحوها , دون ما يفهم من الكتاب والسنة إما نصاً وإما ظاهراً, فكيف يجوز على الله تعالى ثم على رسوله صلى الله عليه وسلم ثم على أخير الأمة؛ أنهم يتكلمون دائماً بما هو نص أو ظاهر في خلاف الحق؟! ثم الحق الذي يجب اعتقاده لا يبوحون به قط! ولا يدلون عليه لا نصاً ولا ظاهرا! حتى يجيء أنباط الفرس والروم وفروخ اليهود والنصارى والفلاسفة، يبينون للأمة العقيدة الصحيحة التي يجب على كل مكلف أو كل فاضل أن يعتقدها!! لئن كل ما يقوله هؤلاء المتكلمون والمتكلفون هو الاعتقاد الواجب -وهم مع ذلك أحيلوا في معرفته على مجرد عقولهم، وأن يدفعوا بما اقتضى قياس عقولهم ما دل عليه الكتاب والسنة نصاً أو ظاهراً- لقد كان ترك الناس بلا كتاب ولا سنة أهدى لهم وأنفع على هذا التقدير، بل كان وجود الكتاب والسنة ضرراً محضاً في أصل الدين] .
لماذا؟ لأن ظاهر الكتاب والسنة سيكون دالاً على خلاف ما يجب أن يعتقد في الله سبحانه وتعالى، في حين أن العقول والأقيسة هي التي دلت على الله سبحانه وتعالى الدلالة الصحيحة، وعلى هذا هل يكون الكتاب والسنة قد زاد الناس هدى وبصيرة في ربهم أم أنه زادهم ضلالاً وحيرة في ربهم؟! لازم قول المتكلمين: أن يكون الكتاب والسنة زادهم حيرة وضلالة؛ لأنه لم يدلهم على الحق ولا على ما يجب في باب أسماء الله وصفاته، وهذا كذب وضلال، ومن أعظم التهمة لله جل وعلا ولرسوله صلى الله عليه وسلم.