قال: [وأما القسمان الواقفان: فقوم يقولون: يجوز أن يكون المراد ظاهرها اللائق بجلال الله، ويجوز ألا يكون المراد صفة الله ونحو ذلك، وهذه طريقة كثير من الفقهاء وغيرهم.
وقوم يمسكون عن هذا كله، ولا يزيدون على تلاوة القرآن وقراءة الحديث، معرضين بقلوبهم وألسنتهم عن هذه التقديرات، فهذه الأقسام الستة لا يمكن أن يخرج الرجل عن قسم منها] .
قال: (وأما القسمان) قسم يقول: إن النص يحتمل هذا، أي: يحتمل ظاهرها ويحتمل التأويل, وقسم لا ينظرون في هذه النصوص أصلاً ويعرضون عنها ولا يتأملونها ولا يتدبرونها، يقبلون على قراءة القرآن وعلى قراءة الأحاديث دون النظر إلى المعاني، وهؤلاء يصدق عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم) أي: لا تنفذ معانيه إلى قلوبهم ولا تؤثر فيه؛ لأنهم يقرءونه كما يقرءون حروف الهجاء: ألف باء تاء ثاء لا يعقلون لها معاني, فهؤلاء يصدق عليهم قوله جل وعلا: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً} [الجمعة:5] ؛ لأنهم لا يعقلون هذه المعاني، وكل هذه الفرق ضالة إلا من أثبت لله ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.