المؤولة من المتكلمين الذين نفوا ظواهر النصوص، وقالوا: إن النصوص لا تدل على صفات نثبتها لله سبحانه وتعالى، هؤلاء انقسموا إلى أقسام -كما هو ظاهر من كلام الشيخ رحمه الله-: فمنهم من قال: (إن الله لا صفة له ثبوتية) , يعني: لا يثبتون له صفة ثبوتية, فلا يثبتون له علماً ولا قدرةً ولا إرادةً، (بل صفاته إما سلبية) ، فيقال مثلاً: لا عليم لا سميع لا بصير، (وإما إضافية) يقولون: إن هذه الصفات المثبتة له هي مضافة إضافة خلق لا إضافة صفة إلى الموصوف، فالذين يقولون: سمع الله وكلام الله، يقولون: نثبت أن لله سمعاً، لكنه ليس صفة له، بل هو مخلوق من مخلوقاته, فيقولون: السمع مضاف إلى الله إضافة خلق لا إضافة صفة، قال: (وإما مركبة منهما) أي: من السلب والإضافة, فيقولون: سميع بلا سمع, بصير بلا بصر، فيجمعون السلب والإثبات، أو يقولون: لا نقول: سميع ولا نقول: ليس سميعاً، فيصفونه بالسلب والإثبات جميعاً، فيجمعون بين النقيضين، يجمعون بين الإضافة وبين السلب, وهؤلاء هم الجهمية.
قال: (أو يثبتون بعض الصفات وهي الصفات السبعة أو الثمانية أو الخمسة عشرة) هذا يشير به إلى مثبتة الصفات من المتكلمة، وهم الأشاعرة ومن شابههم كالكلابية، والماتريدية وغيرهم، فهؤلاء أثبتوا بعض الصفات لله سبحانه وتعالى، واختلفوا فيما يثبتونه له من الصفات، فأثبتت الأشاعرة -وهو قول جمهورهم- سبع صفات، وأضاف البعض صفة ثامنة، وهي صفة البقاء، وزاد بعضهم صفات أخرى, فقالوا: نثبت لله الصفات، وننفي عنه أضدادها فتكون أربع عشرة صفة، ولكن المشهور من مذهب الأشاعرة هو الاقتصار على سبع صفات.
قال: (أو يثبتون الأحوال دون الصفات) والأحوال جمع حال، وهي مما يصعب تعريفه وإدراكه؛ لأنه لا حقيقة له، وقد قال بالأحوال النظام من المعتزلة، وهو معدود من الأمور التي لا حقيقة لها، ككسب الأشعري وطفرة النظام، فهذه ثلاثة أمور يذكرها أهل العلم، ويذكرون أنه لا حقيقة لها؛ ولذلك يصعب تعريفها وبيانها.
قال: (أو يثبتون الأحوال دون الصفات على ما قد عرف من مذهب المتكلمين، فهؤلاء) أي: هؤلاء الذين ينفون ظواهر النصوص ويؤولونها (قسمان: قسم يتأولونها ويميزون المراد، مثل قولهم: استوى بمعنى استولى، أو بمعنى علو المكانة والقدر، أو بمعنى ظهور نوره للعرش، أو بمعنى انتهاء الخلق إليه، إلى غير ذلك من معاني المتكلمين) أي: المتأولين المحرفين للكلم عن مواضعه.