قال: (فإن النفي إنما اعتمدوا فيه على أمور عقلية ظنوها بينات وهي شبهات، والسمع حرفوا فيه الكلم عن مواضعه.
فلما ابتنى أمرهم على هاتين المقدمتين الكفريتين الكاذبتين: كانت النتيجة استجهال السابقين الأولين واستبلاههم) أي: فاستبلهوا السلف واستجهلوهم بناء على أن السلف لم يقفوا على المعاني وإنما أجروا الألفاظ على ظاهرها، وظنوا أن طريقتهم هي الطريقة الصواب، فلما أصبحوا في مفترق الطرق: إما أن يسيروا على طريق السلف وهي طريق الجهال والبلهاء -في نظرهم- أو طريق الخلف التي هي طريق العلماء والحكماء؛ فسلكوا طريق الخلف وذموا طريق السلف، وقالوا: إن طريق السلف أسلم؛ لأن حقيقتها الإيمان الخالي عن المعاني، وطريقة الخلف أحكم وأعلم؛ لأنها تؤدي إلى الإيمان المبني على العلم والحكمة، وكذبوا في ذلك وضلوا.
قوله: (واعتقاد أنهم كانوا قوماً أميين بمنزلة الصالحين من العامة؛ لم يتبحروا في حقائق العلم بالله، ولم يتفطنوا لدقائق العلم الإلهي، وأن الخلف الفضلاء حازوا على قصب السبق في هذا كله) .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.