[وقال الإمام العارف معمر بن أحمد الأصبهاني شيخ الصوفية في حدود المائة الرابعة في بلاده، قال: أحببت أن أوصي أصحابي بوصية من السنة، وموعظة من الحكمة، وأجمع ما كان عليه أهل الحديث والأثر بلا كيف، وأهل المعرفة والتصوف من المتقدمين والمتأخرين قال فيها: (وأن الله استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل) ] .
وهذه المعاني هي التي تقدم ذكرها، بلا كيف أي: من غير تكييف، ولا تشبيه أي: التمثيل الذي ذكره الشيخ رحمه الله في أول هذه الرسالة.
والتعبير بالتمثيل أدق من التعبير بالتشبيه؛ لأنه هو الذي ورد به الكتاب كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11] ، ولأن التشبيه هو الاشتراك ولو بأقل معنى، وهذا موجود بين صفة الخالق وصفة المخلوق، لكن للخالق ما يليق به وللمخلوق ما يليق به من الصفات، وإنما المنفي هو المماثلة لا التشبيه.
وقوله: (ولا تأويل) هذا يشمل التحريف والتعطيل؛ لأن المحرف معطل، والمعطل محرف، وكلاهما لم يصل إلى ما وصل إليه من تحريف وتعطيل إلا بالتأويل.
(والاستواء معقول والكيف فيه مجهول) يعني: علم حقيقته مجهول، فعلم الحقيقة لا سبيل إليه، وكما تقدم أن الكلام في كيفية الصفات كالكلام في كيفية الذات.
قال المؤلف رحمه الله: [وأنه عز وجل مستوٍ على عرشه بائن من خلقه والخلق منه بائنون بلا حلول ولا ممازجة، ولا اختلاط ولا ملاصقة؛ لأنه الفرد البائن من الخلق، الواحد الغني عن الخلق.
وإن الله عز وجل سميع بصير، عليم خبير، يتكلم ويرضى، ويسخط ويضحك، ويعجب، ويتجلى لعباده يوم القيامة ضاحكاً، وينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا كيف شاء فيقول: (هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ حتى يطلع الفجر) ونزول الرب إلى السماء بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل، فمن أنكر النزول أو تأول فهو مبتدع ضال، وسائر الصفوة من العارفين على هذا ا.
هـ.