[وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة إمام الأئمة: من لم يقل: إن الله فوق سماواته على عرشه، بائن من خلقه، وجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ثم ألقي على مزبلة؛ لئلا يتأذى بريحه أهل القبلة ولا أهل الذمة.
ذكره عنه الحاكم بإسناد صحيح.
وروى عبد الله بن الإمام أحمد بإسناده عن عباد بن العوام الواسطي -إمام أهل واسط من طبقة شيوخ الشافعي وأحمد - قال: كلمت بشراً المريسي وأصحاب بشر، فرأيت آخر كلامهم أن يقولوا: ليس في السماء شيء.
وعن عبد الرحمن بن مهدي الإمام المشهور أنه قال: ليس في أصحاب الأهواء شر من أصحاب جهم، يدورون على أن يقولوا: ليس في السماء شيء، أرى والله ألا يناكحوا ولا يوارثوا.
وروى عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية عن عبد الرحمن بن مهدي قال: أصحاب جهم يريدون أن يقولوا: إن الله لم يكلم موسى، ويريدون أن يقولوا: ليس في السماء شيء، وأن الله ليس على العرش، أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا قتلوا] .
هذه الأخبار هي التي جعلت بعض أهل العلم يذهب إلى إخراج الجهمية من الثنتين والسبعين فرقة الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم أو الثلاث والسبعين فرقة الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الافتراق، وجعلوا الجهمية -لشناعة قولهم وتكذيبهم بما جاءت النصوص متوافرة في الدلالة عليه- خارجين عن الثلاث والسبعين فرقة؛ لكونهم كذبوا ما جاء في الكتاب والسنة تكذيباً واضحاً وصريحاً.
[وعن الأصمعي قال: قدمت امرأة جهم فنزلت بالدباغين، فقال رجل عندها: الله على عرشه.
فقالت: محدود على محدود،فقال الأصمعي: كفرت بهذه المقالة.
وعن عاصم بن علي بن عاصم -شيخ أحمد والبخاري وطبقتهما- قال: ناظرت جهماً فتبين من كلامه أن لا يؤمن أن في السماء رباً.
وروى الإمام أحمد بن حنبل الشيباني قال: أخبرنا سريج بن النعمان قال: سمعت عبد الله بن نافع الصايغ قال: سمعت مالك بن أنس يقول: الله في السماء، وعلمه في كل مكان، لا يخلو من علمه مكان.
وقال الشافعي: خلافة أبي بكر الصديق حق قضاه الله في السماء، وجمع عليه قلوب عباده.
وفي الصحيح عن أنس بن مالك قال: كانت زينب تفتخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: (زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سماوات) ، وهذا مثل قول الشافعي، وقصة أبي يوسف صاحب أبي حنيفة مشهورة في استتابته لـ بشر المريسي، حتى هرب منه لما أنكر الصفات، وقال بقول جهم، وقد ذكرها ابن أبي حاتم وغيره] .
الشافعي قال: خلافة أبي بكر الصديق حق قضاه الله في السماء أي: على السماء، وكذا في قول أنس بن مالك رضي الله عنه في الحديث الذي ساقه عن زينب كانت تفتخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: (زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سماوات) .