(ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد) أي: بألفاظ نصوص الصفات من غير فهم لمعاني هذه النصوص وهذه الألفاظ على ما يليق بالله؛ لما قالوا: الاستواء غير مجهول؛ لأن مقتضى قولهم: إن الاستواء غير مجهول أنهم علموا المراد بقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] ، وآيات الاستواء الأخرى، فلما قالوا: غير مجهول؛ دل أنهم يثبتون معنى هذه الألفاظ، وأن هذه الألفاظ مرادة المعاني.
ثم قال: (ولما قالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف، فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً بل مجهولاً) يعني: على قول من قال بأنها نصوص لا معاني لها، (يكون الاستواء غير معلوم، بل مجهول بمنزلة حروف المعجم) وذلك كما لو أنك صففت ألفاً وباءً وجيماً ودالاً، أو أنك نظرت في أفرادها ولا معنى لها، فالألف إذا جاءت مجردة عن الكلمة لم يعرف لها معنى، إنما تعرف بما انضافت إليه مما تتركب منه الألفاظ التي تدل على المعاني.
قال: (وأيضاً: فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ المعنى) ، وهذا وجه آخر من الأوجه التي تدل على أن هذه العبارات تدل على أن السلف رحمهم الله أثبتوا الصفات، (فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إلا إذا كان للفظ معنى) وإلا لما احتجنا إلى أن ننفي الكيفية، قال: (إنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات) .