وَقَدْ رُوِيَ: أَنَّهُمْ حَفَرُوا التُّرَابَ فَأَلْقَوْهُ وَأَلْقَوْا مَكَانَهُ مَاءً، مِنْ وَجْهٍ مُرْسَلٍ وَوَجْهٍ مُنْكَرٍ، وَلَمْ يُصَحِّحُوهُ، وَلِأَنَّ التُّرَابَ النَّجِسَ لَوْ كَانَ قَدْ أُخْرِجَ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى تَطْهِيرِ الطَّاهِرِ.
وَأَبُو هُرَيْرَةَ شَهِدَ الْقِصَّةَ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُمْ قَدْ صَبُّوا عَلَى الْمُبَالِ الْمَاءَ، فَلَوْلَا أَنَّهُ قَدْ طَهَّرَهُ وَانْفَصَلَ طَاهِرًا لَكَانَ ذَلِكَ تَكْثِيرًا لِلنَّجَاسَةِ، وَلِأَنَّ الْأَرْضَ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنَ الْبِنَاءِ وَالْأَجْرِنَةِ لَوْ لَمْ تَطْهُرْ إِلَّا بِانْفِصَالِ الْمَاءِ عَنْهَا وَتَكْرَارِ غَسْلِهَا مَعَ نَجَاسَةِ الْمُنْفَصِلِ قَبْلَ الْمَرَّةِ الْآخِرَةِ لَأَفْضَى ذَلِكَ إِلَى انْتِشَارِ النَّجَاسَةِ وَامْتِنَاعِ إِزَالَتِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، إِذْ غَالِبُ الْأَرْضِ لَا مَصْرِفَ عِنْدَهَا، وَمَا عِنْدَهُ مَصْرِفٌ فَنَادِرٌ وَالنَّادِرُ مُلْحَقٌ بِالْغَالِبِ، بِخِلَافِ مَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَتَحْوِيلُهُ