وَعَامَّةُ الْأَحَادِيثِ أَمَرَ فِيهَا بِالْمَاءِ فَقَطْ لَا سِيَّمَا الِاسْتِنْجَاءُ فَإِنَّهُ نُقِلَ عَنْهُ قَوْلًا وَفِعْلًا وَنُقِلَ عَنْهُ دَلْكُ يَدِهِ بِالتُّرَابِ بَعْدَهُ وَهُوَ سُنَّةٌ، فَكَيْفَ تُرِكَ نَقْلُ التَّدَلُّكِ بِالتُّرَابِ وَهُوَ وَاجِبٌ؟ لَكِنَّ هَذَا يَقْتَضِي السُّقُوطَ فِي نَجَاسَةِ السَّبِيلِ، وَلِأَنَّ اسْتِعْمَالَ التُّرَابِ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ لَا سِيَّمَا وَنَحْنُ نَشْتَرِطُ طَهَارَتَهُ بِخِلَافِ الْعَدَدِ فَإِنَّ النَّجَاسَةَ غَالِبًا لَا تَزُولُ إِلَّا بِهِ، وَوُلُوغُ الْكَلْبِ يُقَالُ: فِيهِ لُزُوجَةٌ لَا تَزُولُ غَالِبًا إِلَّا بِهِ.
مَسْأَلَةٌ:
(وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْأَرْضِ فَصَبَّةٌ وَاحِدَةٌ تُذْهِبُ بِعَيْنِهَا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صُبُّوا عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ»).
النَّجَاسَةُ عَلَى الْأَرْضِ تُفَارِقُ مَا عَلَى الْمَنْقُولَاتِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا عَدَدٌ سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا كَلْبٌ أَوْ غَيْرُهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ انْفِصَالُ الْغُسَالَةِ عَنْ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْغُسَالَةَ طَاهِرَةٌ إِذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ وَذَلِكَ لِلْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صُبُّوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ»