فَأَوْجَبَ الْغُسْلَ كَالْأَوَّلِ، وَكَمَا لَوْ خَرَجَ عَقِيبَ انْتِقَالِهِ، وَعَنْهُ إِنْ خَرَجَ قَبْلَ الْبَوْلِ اغْتَسَلَ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَهُ لَمْ يَغْتَسِلْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَلِأَنَّ مَا قَبْلَ الْبَوْلِ هُوَ بَقِيَّةُ الْمَنِيِّ الْأَوَّلِ وَقَدِ انْتَقَلَ بِشَهْوَةٍ وَمَا بَعْدَ الْبَوْلِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَقِيَّةَ الْأَوَّلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ خَرَجَ لِإِبْرِدَةٍ أَوْ مَرَضٍ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ يَدْفَعُ بَقَايَا الْمَنِيِّ، لِأَنَّ مَخْرَجَ الْمَنِيِّ تَحْتَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ، وَبَيْنَهُمَا حَاجِزٌ رَقِيقٌ، فَيَنْعَصِرُ مَخْرَجُ الْمَنِيِّ تَحْتَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ، فَيَخْرُجُ مَا فِيهِ، وَالْوُجُوبُ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ، وَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ فَلَا يَصِحُّ مَخْرَجُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِلَى الْمُنْتَقِلِ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ قَبْلَ الْبَوْلِ أَوْ بَعْدَهُ، وَيُمْكِنُ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ مَا خَرَجَ قَبْلَ الْبَوْلِ يَكُونُ انْتِقَالُهُ إِلَى الذَّكَرِ بِدَفْقٍ وَشَهْوَةٍ كَالْخَارِجِ إِلَى بَاطِنِ الْقَلَفَةِ، بِخِلَافِ مَا لَمْ يَخْرُجْ " إِلَّا " بَعْدَ الْبَوْلِ، فَإِنَّهُ حِينَ انْتَقَلَ إِلَى الذَّكَرِ كَانَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ، فَأَشْبَهَ الْخَارِجَ عَنْ إِبْرِدَةٍ أَوْ مَرَضٍ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ عَكْسُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْبَوْلِ مَنِيٌّ جَدِيدٌ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّهُ بَقِيَّةُ الْأَوَّلِ، فَأَمَّا إِنْ وَجَدَ سَبَبَ الْخُرُوجِ وَلَمْ يَخْرُجْ فَقِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَحْتَلِمُ ثُمَّ يُنْزِلُ بَعْدَ الِانْتِبَاهِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، نَصَّ عَلَيْهِ، لَكِنْ إِنْ خَرَجَ لِشَهْوَةٍ وَجَبَ حِينَئِذٍ (وَإِنْ خَرَجَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ ثَبَتْنَا وُجُوبَهُ حِينَ الِاحْتِلَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ انْتَقَلَ بَعْدَ الِانْتِبَاهِ وَسُكُونِ الشَّهْوَةِ، وَقَبْلَ الْخُرُوجِ كَانَ جُنُبًا وَلَمْ يَعْلَمْ) وَعَلَى قَوْلِنَا: " لَا يَجِبُ إِلَّا بِالْخُرُوجِ " يَكُونُ جُنُبًا مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ.