وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَنْقُضُ إِلَّا الْقَائِمَ مَعَ الْجَالِسِ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ إِنَّمَا نَقَضَ لِإِفْضَائِهِ إِلَى الْحَدَثِ، وَمَحَلُّ الْحَدَثِ مَعَ الْقَائِمِ مُنْضَمٌّ مُنْحَفِظٌ كَالْقَاعِدِ فَيَبْعُدُ خُرُوجُ الْحَدَثِ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ فِي النَّوْمِ الْيَسِيرِ لَا سِيَّمَا وَالْقَائِمُ لَا يَسْتَثْقِلُ فِي نَوْمِهِ اسْتِثْقَالَ الْجَالِسِ بِخِلَافِ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ فَإِنَّ الْمَحَلَّ مِنْهُمَا مُنْفَرِجٌ مُسْتَطْلِقٌ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: يَنْقُضُ إِلَّا الْقَائِمَ وَالرَّاكِعَ فَإِنَّ الْمَخْرَجَ مِنْهُ أَكْثَرُ انْفِرَاجًا وَاسْتِطْلَاقًا فَأَشْبَهَ الْمُضْطَجِعَ.

وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ: لَا يَنْقُضُ فِي حَالٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ حَتَّى يَكْثُرَ، كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذِهِ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّ النَّوْمَ إِنَّمَا نَقَضَ لِأَنَّهُ مُفْضٍ إِلَى الْحَدَثِ، وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ غَالِبًا فِيمَنِ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ وَتَحَلَّلَ بَدَنُهُ، فَأَمَّا غَيْرُهُ فَالْحَدَثُ مَعَهُ قَلِيلٌ وَالْأَصْلُ الطَّهَارَةُ فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ إِذِ الْكَلَامُ فِي النَّوْمِ الْيَسِيرِ، وَالْقَاعِدُ وَإِنْ كَانَ مَحَلُّ حَدَثِهِ مُنْضَمًّا فَإِنَّ النَّوْمَ الثَّقِيلَ إِلَيْهِ أَقْرَبُ، وَالرَّاكِعُ وَالسَّاجِدُ مَعَ انْفِتَاحِ مَخْرَجِهِمْ فَإِنَّ نَوْمَهُمْ يَكُونُ أَخَفَّ فَتَقَابَلَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَاسْتَوَيَا فِي انْتِفَاءِ الِاسْتِرْخَاءِ وَالتَّحَلُّلِ الْمُفْضِي غَالِبًا إِلَى الْخَارِجِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ» " رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَنَمْ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقْرَأُ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015