كُلِّ حَالٍ كَالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ وَالْجُنُونِ فَإِنَّ سَائِرَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُزِيلُ الْعَقْلَ مِنَ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَالسُّكْرِ لَا يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ هَيْئَةٍ وَهَيْئَةٍ، وَكَذَلِكَ النَّوْمُ الْمُسْتَغْرَقُ، وَأَمَّا النَّوْمُ الْيَسِيرُ فَيَنْقُضُ وُضُوءَ الْمُضْطَجِعِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَنْقُضُ وُضُوءَ الْقَاعِدِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي الْقَائِمِ وَالرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ سَوَاءٌ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ فِي غَيْرِ صَلَاةِ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ: إِحْدَاهَا: يَنْقُضُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْعُمُومَ يَقْتَضِي النَّقْضَ بِكُلِّ نَوْمٍ خَصَّصَهُ الْجَالِسُ لِمَا رَوَى أَنَسٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: " «كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَامُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَلَفْظُهُ: " كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ ".
وَفِي لَفْظِ أَحْمَدَ " يَنْعَسُونَ ".
وَرَوَى ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: " «أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَرَجُلٌ يُنَاجِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَزَلْ يُنَاجِيهِ حَتَّى نَامَ أَصْحَابُهُ فَصَلَّى بِهِمْ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ " وَلَمْ يَذْكُرْ وُضُوءًا " وَلِأَنَّ نَوْمَ الْجَالِسِ يَكْثُرُ وُجُودُهُ مِنْ مُنْتَظِرِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهِمْ فَتَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَيُعْفَى عَنْهُ كَمَا عُفِيَ عَنْ يَسِيرِ النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ.