والرواية الثانية وهي المشهور نصا ومذهبا أن الفرض لا يصح في الكعبة لأن الله سبحانه قال: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أي نحوه وتلقاءه باجماع أهل العلم لأن الشطر له معنيان هذا أحدهما: والاخر بمعنى النصف وذلك المعنى ليس مرادا فتعين الأول وإذا كان الله قد فرض تولية الوجه نحو الكعبة وذلك هو الصلاة إليها فالمصلي فيها ليس بمصل إليها لأنه لا يقال لمن صلى في دار أو حانوت أنه مصل اليه.
وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما إنما أمر الناس أن يصلوا إلى الكعبة ولم يؤمروا أن يصلوا فيها ولأن التوجه إليها إنما يكون باستقبالها كلها أي استقبال جميع ما يحاذيه منها فإذا استقبل بعضها فليس بموول وجهه إلى الكعبة بل إلى بعض ما يسمى كعبة ولأنه إذا استقبل البعض واستدبر البعض فليس وصفه باستقبالها باولى من وصفه باستدبارها بل استدبار بعضها ينافي الاستقبال المطلق ولهذا قال ابن عباس لا تجعل شيئا من البيت خلفك ذكره أحمد يبين هذا أن الله سبحانه أمر بالطواف به كما أمر بالصلاة إليه وإخراجها مخرجا واحدا في قوله تعالى: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} وقال