وَأَمَّا مَكَانُ الْإِحْرَامِ فَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جَوْفِ الْكَعْبَةِ ; قَالَ أَحْمَدُ - فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ -: فَإِنْ كُنْتَ مُتَمَتِّعًا قَصَّرْتَ مِنْ شَعْرِكَ وَحَلَلْتَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأَهْلَلْتَ بِالْحَجِّ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي وَأَعِنِّي عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ إِذَا كُنْتَ فِي الْحَرَمِ ثُمَّ قُلْ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ .... إِلَى آخِرِهِ.
وَفِي مَوْضِعِهِ رِوَايَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: بَعْدَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، قَالَ - فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ -: فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ طَافَ بِالْبَيْتِ، فَإِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ لَبَّى بِالْحَجِّ، وَقَالَ - أَيْضًا -: قُلْتُ لِأَبِي: مِنْ أَيْنَ يُهِلُّ بِالْحَجِّ؟ قَالَ: إِذَا جَعَلَ الْبَيْتَ خَلْفَ ظَهْرِهِ، قُلْتُ: فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ: يُحْرِمُ مِنَ الْمِيزَابِ، قَالَ: إِذَا جَعَلَ الْبَيْتَ خَلْفَ ظَهْرِهِ أَهَلَّ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُهِلُّ مِنْ جَوْفِ الْمَسْجِدِ، قَالَ - فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ - فِي وَصْفِ الْمُتْعَةِ: وَيُحِلُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ أَهَلَّ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ مَعَ كَوْنِهِ بَاقِيًا عَلَى إِحْرَامِهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ، وَقَدِ اسْتَحَبَّ الْمَرُّوذِيُّ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ يُحْرِمَ ; لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ عَقِبَ صَلَاةٍ كَالْإِحْرَامِ مِنَ الْمِيقَاتِ.