أَمَّا حَجَّةُ الْوَدَاعِ فَكَانَ وُقُوفُهُ عَلَى الْمَرْوَةِ ضُحًى، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ حَوْلَهُ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِرِوَايَتِهِ الْوَاحِدُ، وَكَانَتِ الْجِعْرَانَةُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ.

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا: أَنَّهُ قَصَّرَ مِنْ رَأْسِهِ فِي الْعَشْرِ فَرِوَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ ; لِأَنَّ عَطَاءً لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاوِيَةَ، وَمَرَاسِيلُهُ ضِعَافٌ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي لَمَّا سَمِعَ «عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ قَصَّرَ مِنْ رَأْسِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِشْقَصٍ» اعْتَقَدَ أَنَّهُ فِي حَجَّتِهِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ دُخُولَهُ مَكَّةَ كَانَ فِي الْعَشْرِ فَحَمَلَ هَذَا عَلَى هَذَا.

يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ احْتَجَّ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِرِوَايَتِهِ هَذِهِ فِي جَوَازِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَهُمْ قَدْ كَانُوا يُسَمُّونَ كُلَّ مُعْتَمِرٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مُتَمَتِّعًا، وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ، وَلِهَذَا سُئِلَ سَعْدٌ عَنِ الْمُتْعَةِ قَالَ: فَعَلْنَاهَا وَهَذَا كَانَ كَافِرًا بِالْعَرْشِ - يَعْنِي مُعَاوِيَةَ -، وَمُعَاوِيَةُ قَدْ كَانَ مُسْلِمًا قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ فَعَلْنَا الْعُمْرَةَ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015