بإحسان، وأئمة المسلمين، وعلمائهم أنه "ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن" وأن "الله خالق كل شيء، وربه، ومليكه، فكل ما سوى الله مخلوق له، حادث بمشيئته، وقدرته، ولا يكون في ملكه ما لا يشاؤه، ويخلقه، فلا يقدر أحد أن يمنع الله عما أراد أن يخلقه، ويكونه، فإنه الواحد القهار {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر: 2] "1. "ومن الإيمان بالقدر أن يعلم العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه"2.

ولا يلزم من الإيمان بالقدر خيره وشره أن يكون في فعله شر محض، "ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعاء الاستفتاح: "والخير بيديك، والشر ليس إليك "3، فإنه لا يخلق شراً محضاً، بل كل ما يخلقه ففيه حكمة هو باعتبارها خير، ولكن قد يكون فيه شر لبعض الناس، وهو شر جزئي إضافي، فأما شر كلي، أو شر مطلق فالرب منزه عنه، وهذا هو الشر الذي ليس إليه، وأما الشر الجزئي الإضافي: فهو خير باعتبار حكمته"4.

ولهذا فإن الشر "المخلوق لا يضاف إلى الله مجرداً عن الخير قط، وإنما يذكر على أحد وجوه ثلاثة:

إما مع إضافته إلى المخلوق، كقوله: {مِن شَرِّ مَا خَلَقَ} [الفلق: 2] .

وإما مع حذف الفاعل كقول الجن: {وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً} [الجن: 10] ، ومنه في الفاتحة: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] : فذكر الإنعام مضافاً إليه، وذكر الغضب محذوفاً فاعله، وذكر الضلال مضافاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015