* ثم اعلم أن آثار الرسول - صلى الله عليه وسلم - تنقسم إلى ثلاثة أقسام أو أكثر:
أولًا: ما فعله على سبيل التعبد؛ فهذا لا شك أننا مأمورون باتباعه؛ لقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]؛ فكل شيء لا يظهر فيه أنَّه فعله تأثرًا بعادة أو بمقتضى جبلة وفطرة أو حصل اتفاقًا؛ فإنه على سبيل التعبد، ونحن مأمورون به.
ثانيًا: ما فعله اتفاقًا؛ فهذا لا يشرع لنا التأسي فيه؛ لأنه غير مقصود؛ كما لو قال قائل: ينبغي أن يكون قدومنا إلى مكة في الحج في اليوم الرابع من ذي الحجة! لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة (?). فنقول: هذا غير مشروع؛ لأن قدومه - صلى الله عليه وسلم - في هذا اليوم وقع اتفاقًا.
ولو قال قائل: ينبغي إذا دفعنا من عرفة ووصلنا إلى الشعب الَّذي نزل فيه - صلى الله عليه وسلم - وبال أن ننزل ونبول ونتوضأ وضوءًا خفيفًا كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فنقول: هذا لا يشرع.
وكذلك غيرها من الأمور التي وقعت اتفاقًا؛ فإنه لا يشرع التأسي فيه بذلك؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - فعله لا على سبيل القصد للتعبد،