ومنهم من يمر كالريح؛ أي: الهواء، ولا شك أن الهواء سريع، لا سيما قبل أن يعرف الناس الطائرات، والهواء المعروف يصل أحيانًا إلى مئة وأربعين ميلًا في الساعة، ومنهم من يمر كالفرس الجواد، ومنهم من يمر كركاب الإبل، وهي دون الفرس الجواد بكثير، ومنهم من يعدو عدوًا؛ أي: يسرع، ومنهم من يمشي مشيًا، ومنهم من يزحف زحفًا؛ أي: يمشي على مقعدته، وكل منهم يريد العبور.
وهذا بغير اختيار الإنسان، ولو كان باختياره؛ لكان يحب أن يكون بسرعة، ولكن السير على حسب سرعته في قبول الشريعة في هذه الدنيا؛ فمن كان سريعًا في قبول ما جاءت به الرسل؛ كان سريعًا في عبور الصراط، ومن كان بطيئًا في ذلك؛ كان بطيئًا في عبور الصراط؛ جزاء وفاقًا، والجزاء من جنس العمل.
* وقوله: "ومنهم من يخطف"؛ أي: يؤخذ بسرعة، وذلك بالكلاليب التي على الجسر؛ تخطف الناس بأعمالهم.
* "ويلقى في جهنم": يفهم منه أن النار التي يلقى فيها العصاة هي النار التي يلقى فيها الكفار، ولكنها لا تكون بالعذاب كعذاب الكفار، بل قال بعض العلماء: إنها تكون بردًا وسلامًا عليهم كما كانت النار بردًا وسلامًا على إبراهيم، ولكن الظاهر خلاف ذلك، وأنها تكون حارة مؤلمة، لكنها ليست كحرارتها بالنسبة للكافرين.
ثم إن أعضاء السجود لا تمسها النار؛ كما ثبت ذلك عن