ثالثاً: ثم نقول: ما هو الحد والجسم الذي أجلبتم علينا بخيلكم ورجلكم فيها.
أتريدون بالحد أن شيئاً من المخلوقات يحيط بالله؟ فهذا باطل ومنتف عن الله، وليس بلازم من إثبات العلو لله أو تريدون بالحد أن الله بائن من خلقه غير حال فيهم؟ فهذا حق من حيث المعني، ولكن لا نطلق لفظه نفياً ولا إثباتاً، لعدم ورود ذلك.
وأما الجسم، فنقول: ماذا تريدون بالجسم؟ أتريدون أنه جسم مركب من عظم ولحم وجلد ونحو ذلك؟ فهذا باطل ومنتف عن الله، لأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. أم تريدون بالجسم ما هو قائم بنفسه متصف بما يليق به؟ فهذا حق من حيث المعني، لكن لا نطلق لفظه نفياً ولا إثباتاً، لما سبق.
وكذلك نقول في الجهة، هل تريدون أن الله تعالي له جهة تحيط به؟ فهذا باطل، وليس بلازم من إثبات علوه. أم تريدون جهة علو لا تحيط بالله؟ فهذا حق لا يصح نفيه عن الله تعالي.
الآية الثانية: قوله: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158].
{بَل}: للإضراب الإبطالي، لإبطال قولهم: {إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} [النساء: 157 - 158]، فكذبهم الله بقوله: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ}.