قرارة نفوسهم لا يستطيعون أن ينكروه، اللهم إلا أن يكونوا قد سُلبوا العقول المدركة أدنى إدراك، فإنهم قد ينكرون هذا من باب المكابرة.
وقد قسم العلماء رحمهم الله التوحيد إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: توحيد الربوبية:
وهو "إفراد الله سبحانه وتعالى في أمور ثلاثة: في الخلق والملك والتدبير".
دليل ذلك قوله تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف، 54] ووجه الدلالة من الآية: أنه قدم فيها الخبر الذي من حقه التأخير، والقاعدة البلاغية: أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر. ثم تأمل افتتاح هذه الآية بـ (ألا) الدالة على التنبيه والتوكيد: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف: 4]، لا لغيره، فالخلق هذا هو، والأمر هو التدبير.
أما الملك، فدليلة مثل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [الجاثية: 27]، فإن هذا يدل على انفراده سبحانه وتعالى بالملك، ووجه الدلالة من هذه الآية كما سبق تقديم ما حقه التأخير.
إذاً، فالرب عز وجل منفرد بالخلق والملك والتدبير.
فإن قلت: كيف تجمع بين ما قررت وبين إثبات الخلق لغير الله، مثل قوله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: