اعلم أن صفة المحبة صفة يثبتها أهل السنة والجماعة لله سبحانه وتعالى على الوجه اللائق به من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل؛ كسائر ما أخبر الله سبحانه وتعالى به عن نفسه، أو أخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم.
والمحبة التي يثبتها أهل السنة والجماعة هي محبة الله لعباده، ومحبة العباد لله جل وعلا، فيثبتون المحبة من الطرفين من الله لعباده ومن العباد لله سبحانه وتعالى، وكل هذا قد دل عليه الدليل، وقد جمع النوعين في قوله تعالى: (يحبهم ويحبونه) ، فأثبت محبته لأوليائه وأصفيائه وعباده المتقين، وأثبت محبة عباده له سبحانه وتعالى، وقوله: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:195] ، وقوله: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات:9] ، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:4] ، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222] ، وقوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ} [آل عمران:31] ؛ هذا فيه محبة الله لعباده ومحبة العباد له سبحانه وتعالى.
ومن ذلك قوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54] ، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف:4] ، وقوله: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [البروج:14] ومعنى: الودود المحب، فهو الغفور الودود جل وعلا، وهو سبحانه وتعالى الذي يحب.