والحمد عرفه كثير من المفسرين بأنه: الثناء بجميل الأوصاف، وأبلغ من هذا وأصح في بيان معنى الحمد ما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله من أن الحمد: ذكر المحمود بصفات الكمال محبة وتعظيماً؛ لأن الثناء بجميل الأوصاف مجرداً عن المحبة والتعظيم ليس هو الحمد المذكور في كتاب الله عز وجل، ولا هو المناسب للخالق جل وعلا، بل الحمد المناسب له هو ذكره سبحانه وتعالى بصفات الكمال محبة وتعظيماً.
والألف واللام في الحمد للاستغراق كما هو معلوم، فجميع المحامد لله سبحانه وتعالى، فله الحمد أولاً وآخراً، ظاهراً وباطناً، وله الحمد كله جل وعلا.
والغالب في الحمد أن يعقبه ذكر أسماء الله عز وجل، أو صفاته العلا، أو أفعاله الجميلة، هذا هو الغالب في ذكر الحمد في كتاب الله عز وجل، وفيما يفتتح به الخطاب.
وهنا ذكر فعلاً من أفعاله الجميلة، وهو إرساله سبحانه وتعالى رسوله بالهدى ودين الحق، والرسول المقصود به محمداً صلى الله عليه وسلم، وإن كان كل رسول أرسله الله عز وجل موصوفاً بهذين الوصفين، أي: أن رسالته بالهدى ودين الحق، لكن أوفرهم نصيباً وأعظمهم حظاً من هذين الوصفين هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: (ليظهره على الدين كله) .
(ليظهره) : اللام هنا للعاقبة، أي: عاقبة هذا الإرسال ظهور هذا الرسول وما جاء به.
(على الدين كله) يعني: على جميع الملل على اختلافها وتنوعها دون استثناء، ما كان منها صحيح في وقته، وما كان منها غير صحيح.