من مقتضيات المعية

ثم قال: (رقيب على خلقه، مهيمن عليهم، مطلع إليهم، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته سبحانه وتعالى) ذكر ثلاثة لوازم ومقتضيات من مقتضيات المعية: الاطلاع.

الرقابة.

الهيمنة.

وهذا تفسير للمعية باللازم، وهذا ما فيه إشكال، فتفسير المعية بهذه الأمور هو تفسير لها باللازم، لكن لماذا فسر أهل السنة والجماعة المعية بلازمها؟ هل لأنهم لا يثبتون مدلول اللفظ؟ الجواب: لا.

إنما فسروها بذلك لإبطال قول من قال: بأن المعية تقتضي المخالطة والممازجة، وإلا فتفسيرها باللازم لا ينفي أنهم يثبتون مدلول المعنى، فثبوت لازم اللفظ يلزم منه إثبات الملزوم وهو ما دل عليه اللفظ، وهذه مسألة مهمة، وهي أن ما فسره السلف بلازمه لا يعني أنهم لا يثبتون مدلول اللفظ، بل هم يثبتون مدلول اللفظ على حقيقته اللائقة بالرب جل وعلا، وإنما احتاجوا إلى هذا لينفوا اعتقاد المبطلين الذين جعلوا المعية تقتضي المخالطة.

وقد ورد تفسير المعية بهذا في كلام السلف، فنقل تفسير المعية بالعلم عن ابن عباس وعن الإمام أحمد وعن غيرهما من أئمة السلف من الصحابة ومن بعدهم.

فقوله رحمه الله: (إلى غير ذلك من معاني ربوبيته) هذا فيه الإشارة إلى أن إثبات المعية هو إثبات لها، وإثبات للوازمها وما يلزم على ثبوت هذه الصفة، فهو سبحانه وتعالى مع خلقه بعلمه واطلاعه وهيمنته وقدرته وسلطانه، كل ذلك ثابت له، وهو مندرج في معاني ربوبيته سبحانه وتعالى؛ لأنها لا تتحقق الربوبية إلا بتمام الاطلاع والقدرة والعلم بحال المخلوق؛ ولذلك قال: (إلى غير ذلك من معاني الربوبية) ليشمل كل ما ورد عن السلف من تفسير للمعية، وأشهر ما ورد عنهم تفسيرها بالعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015