ملك الشفاعة

أما قوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة:255] فهو يدل على ملك الشفاعة؛ وذلك من وجهين: الوجه الأول: أن الشفاعة التي كان يدعيها المشركون هي: أن هذه الآلهة المعبودة تشفع عند الله بدون إذنه، فتصوروا أن الإله مثل خلقه، ثم جعلوا لآلهتهم من الاحترام والتقدير ما يجعل الإله يتنازل عما يريد لهذه الآلهة، وهذا قدح فيما ملك الله عز وجل، فإنكم تعلمون أن الشفاعة تكون بغير الإذن في الغالب، وتكون لمن عزم على شيء ثم أبطله من أجل الشافع، وهذا لا يمكن أن يكون في صفات الله عز وجل.

هذا من جهة.

ومن جهة ثانية: فإن الله عز وجل مالك لكل شيء حتى الشفاعة التي هي من الخير، فمع كونها من الخير إلا أن الله عز وجل مالكها، وهذا يبين سعة ملك الله سبحانه وتعالى.

قوله: ((إِلَّا بِإِذْنِهِ)) يدل على أن هناك شفاعة تكون يوم القيامة بإذن الله عز وجل، وهي تكون لمن رضي له قولاً وهو الموحد؛ لأن الله عز وجل لا يقبل الشفاعة في المشرك أبداً، وفي هذا الرد على المعتزلة والخوارج الذين ينفون شفاعة الله عز وجل، وسيأتي الحديث عنهم -إن شاء الله- في الحديث عن اليوم الآخر.

ثم قال: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة:255]، هذه هي صفة العلم، وسيأتي الحديث عنها فيما بعد.

أما قوله: ((وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ))، فقوله: ((إِلَّا بِمَا شَاءَ)) فيه صفة المشيئة وأيضاً سيأتي الحديث عن صفة المشيئة بإذن الله تعالى؛ حيث ذكر الشيخ مجموعة من الآيات تتعلق بها كثير من المسائل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015