ليس هناك دليل يقول: إن هذه كرامة، وإنما حكى الله عز وجل كرامات متعددة وقعت لأوليائه، فمثلاً: قصة أصحاب الكهف، وقصة الخضر مع موسى عليه السلام، وقصة ذي القرنين، وقصة دخول زكريا عليه السلام على مريم ووجود الرزق عندها، قال تعالى: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران:37] قال المفسرون: إنه كان يدخل عليها في الصيف فيجد عندها فاكهة الشتاء، ويدخل عليها في الشتاء فيجد عندها فاكهة الصيف، وقيل: إنه كان يجد عندها فاكهة ليست من الفواكه المعتادة في البلد، وكذلك كرامة الذي جاء بعرش بلقيس إلى سليمان عليه السلام قبل أن يرتد إليه طرفه، وقد قيل: إنه نبي، وقيل إنه ولي، وعلى كل حال فإذا كان ولياً فهذه من كراماته، وإن لم يكن ولياً فللعفاريت من الجن الذين أعطاهم الله عز وجل القوة أن يأتوا بالعرش من اليمن إلى بلاد الشام قبل أن يقوم من مقامه، وهذا دليل على الكرامة أيضاً.
وأيضاً من الكرامات الواردة في السنة ما ذكر في كتاب الأنبياء من صحيح البخاري في باب ما ذكر عن بني إسرائيل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر مجموعة أحاديث هي من الكرامات.
ومن الكرامات التي وردت في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم: قصة جريج العابد وكان من الأمم السابقة والذي جاءته أمه وهو يصلي في صومعته، وقالت: يا جريج! أنا أمك، كلمني -وكان في صلاته- فقال في نفسه: رب! أمي أم صلاتي، فرجح صلاته، فنادته مرة أخرى وكان في صلاته أيضاً فرجح الصلاة على أن يكلم أمه، فدعت عليه، قالت: اللهم! إن هذا عبدك جريج جئت فطلبت منه أن يكلمني فلم يكلمن، اللهم! لا تمته حتى تريه وجوه المومسات، فزنى راعٍ من الرعاة ببغية من القرية فحملت منه ثم ولدت، فقيل لها: ممن هذا؟ قالت: من الراهب الذي في الصومعة، فجاءوا ومعهم الفئوس وأرادوا تحطيم صومعته فنادوه وكان في صلاته فلم يخرج، فبدءوا يحطمون فيها فخرج إليهم، وسمع كلام البغية فتبسم ثم وضع يده على ناصية الطفل وقال: من أبوك يا غلام؟! فقال: أبي فلان الراعي!! والعادة أن الغلام لا ينطق، وهذه من كرامات الأولياء.
ومن كرامات الأولياء التي وردت في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار، فسقطت على باب الغار صخرة كبيرة سدت باب الغار، فدعوا الله عز وجل بأعمالهم الصالحة ثم فتحت هذه الصخرة.
وهناك نماذج كثيرة، منها: قصة الأبرص والأقرع والأعمى عندما جاءهم الملك وامتحنهم.
ونماذج متعددة أخرى.
ومن الكرامات التي حدثت لجيل الصحابة: كرامة أسيد بن حضير عندما كان يقرأ القرآن، فجاءته السكينة ونزلت عليه وهو يقرأ القرآن كما في صحيح البخاري.
ومنها أيضاً: قصة العلاء بن الحضرمي عندما مشى على النهر.
ومنها: قصة أبي بكر الصديق رضي الله عنه عندما علم أن ما في بطن زوجته أنثى، وسيأتي معنا الإشارة إلى هذا.