وأما في السنة فقد ثبتت الأحاديث في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر من اثنين وثلاثين صحابياً.
منهم عمر بن الخطاب، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمر، وابن عباس.
ففي حديث ابن عباس المشهور في الصحيحين: (عندما مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين وقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأما الثاني فكان يمشي بين الناس بالنميمة).
وروي أيضاً عن البراء بن عازب، وعن عدد كبير من الصحابة.
وقد ساق هذه الأحاديث مفصلة الشيخ حافظ حكمي في كتابه معارج القبول عن هؤلاء الثلاثين جميعاً.
وهي جميعاً متفقة على أن الناس يعذبون أو ينعمون في قبورهم.
ولهذا قال الشيخ حافظ حكمي في كتابه معارج القبول: بأن أحاديث عذاب القبر ونعيمه بلغت حد التواتر المعنوي.
والتواتر هو: نقل جماعة عن جماعة يستحيل في العادة أن يتواطئوا على الكذب، وأسندوه إلى شيء محسوس.
وهنا قد نقل جماعة كثيرة عن جماعة كثيرة، وأسندوه إلى شيء محسوس، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم وإخباره.
والتواتر ينقسم إلى قسمين: تواتر لفظي.
وتواتر معنوي.
فأما التواتر اللفظي فهو: أن يتواتر حديث بلفظ معين.
كقوله صلى الله عليه وسلم: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار).
وأما التواتر المعنوي فهو: أن ترد مجموعة أحاديث بأوجه مختلفة، وكلها تدل على معنى واحد.
ومن التواتر المعنوي مثلاً المسح على الخفين، ورؤية الله عز وجل يوم القيامة، وأحاديث النزول، وأحاديث العلو، وأحاديث عذاب القبر ونعيمه.