الطائفة الثانية المنحرفة في باب الرؤية هم: الأشاعرة.
والأشاعرة في كثير من الأحيان يأتون بشعارات يتفقون مع أهل السنة فيها، لكنهم عند التحقيق يختلفون عن منهج السلف رضوان الله عليهم.
فهم يقولون مثلاً: نحن نقول: بإثبات الرؤية، وأن الله يرى يوم القيامة.
ويقررون هذا في مصنفاتهم بشكل واضح، ولكنهم يفسرونها بمزيد الانكشاف العلمي، ومعنى هذا: أن الرؤية هي علم عندهم، وهي مزيد معرفة بالله فقط.
وهذه العلم غير الرؤية كما هو معلوم؛ لأن الإنسان يمكن أن يعلم شيئاً ولا يراه بعينه، ونحن في الدنيا نعلم وجود الله عز وجل ونعلم صفاته سبحانه وتعالى ولم نره بأعيننا.
فهم عندما جاءوا إلى الرؤية في قوله صلى الله عليه وسلم: (إنكم سترون ربكم)، قالوا: هذا يعني: ستعلمون ربكم.
فوافقوا المعتزلة في الحقيقة وخالفوهم في الشعار.
فإذا سمعت أشعرياً يقول: إننا نثبت رؤية الله عز وجل، فقل له: هل تثبت رؤية الله عز وجل بالعين؟ فسيقول لك حينئذ: إنه مزيد انكشاف، وبعضهم كـ الغزالي في إحياء علوم الدين يقول: إن الله يخلق في عين العبد رؤية له، وهو في الحقيقة لم ير الله عز وجل؛ وذلك لأنهم ينفون الجهة.
ويقولون: الله عز وجل ليس في جهة.
ولهذا يقول العلماء عنهم: من أثبت الرؤية ونفى الجهة فقد أضحك الناس على عقله، والأشاعرة لا يقولون: إن الله في السماء، وإنما يقولون: هو في كل مكان.
أو يقولون: لا خارج العالم ولا داخله، ولا في العلو، فكيف يُرى من كانت هذه صفته؟! ولهذا لما جاءوا إلى الرؤية قالوا: إن الرؤية معناها مزيد انكشاف علمي.
أو يقولون كما قال الغزالي: إن الله يخلق في نظر العبد شيئاً من مخلوقاته تسمى الرؤية، وهذه طريقة عجيبة في التعامل مع النصوص، وهذا لا شك أنه باطل؛ فإن النصوص الشرعية أثبتت أن الله عز وجل يُرى يوم القيامة بالعين المجردة التي هي عين الإنسان، وليس في هذا إحاطة ولا إدراك أبداً.
فهؤلاء محجبون محرومون يموت الواحد منهم وهو لا يعتقد أنه يرى الله عز وجل فهم في أشد الحرمان والعياذ بالله.