وقد اعترض بعض أهل البدع وهو القاضي عبد الجبار في شرحه للأصول الخمسة وهو من المعتزلة على تفسير المزيد بالرؤية، وقال: إن المزيد لا يكون إلا من جنس ما زيد عليه، ولو كان المزيد هنا رؤية الله عز وجل لبطلت هذه القاعدة؛ فدل هذا على أن الزيادة هي: زيادة النعيم على ما أعطوا سابقاً.
واستدلوا على ذلك بأن قولنا مثلاً: سأعطيك عشرة آصع من الحنطة وزيادة، يعني وزيادة: صاع مثلاً أو صاعين على تلك العشرة.
فلا بد أن يكون المزيد من جنس المزيد عليه.
وهذا الكلام باطل، وقد رد عليه بعض أهل العلم وقال: إن المزيد يكون من جنس المزيد عليه إذا كان المزيد عليه مقدراً أو محدداً، فحينئذٍ يدل على أن الزيادة من جنسه، وأما إذا لم يكن مقدراً ومحدداً كقولك: لأعطينك حنطة وزيادة فإن الزيادة لا تكون من جنس المزيد عليه، ولو كانت من جنسها لما كان هناك مبرر لهذه الزيادة.
فلو قلت لشخص مثلاً: سأعطيك ذهباً وزيادة، فإن هذا الشخص لن يفهم أن هذه الزيادة زيادة ذهب؛ لأن الذهب الذي ستعطيه إياه أصلاً غير مقدر، فهو أعلى شرط ممكن، فإذا قلت: وزيادة فليس لها مبرر.
ولكن إذا قدرت الشيء وحددته فقلت له مثلاً: سأعطيك عشرين مثقالاً من الذهب وزيادة، يعني: وزيادة على العشرين.
وعلى هذا فقوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} [يونس:26]، لما لم تكن الحسنى مقدرة بعدد معين دل هذا على أن الزيادة غير المزيد عليه.
ولو كانت الجنة مقدرة ومحددة فقيل: وزيادة، لكانت هذه الزيادة زيادة من جنس المزيد عليه وهو النعيم في الجنة.
ولكن الجنة ليس لها قدر محدد، وإنما هي نعيم دائم مقيم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين.
وحينئذ يبطل اعتراض القاضي عبد الجبار ويبطله ما هو أصرح وأوضح من هذا، وهو تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للزيادة: بأنها رؤية الله عز وجل يوم القيامة.