قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26]، فقوله: ((لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا))، يعني كما قال ابن عباس: للذين قالوا: لا إله إلا الله، وبعضهم قال: للذين فعلوا الواجبات وتركوا المحرمات.
والمقصود: للذين أحسنوا في حياتهم بتقوى الله عز وجل.
والحسنى على وزن فعلى، وهي التي بلغت الغاية في الحسن، والمراد بها: الجنة.
وقوله: ((وَزِيَادَةٌ))، هذه الزيادة جاءت مفسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم من حديث صهيب وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا، ألم تدخلنا الجنة، وتنجينا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل.
ثم تلا هذه الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26]) وهذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه.
ففسر النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة في هذا الحديث بأنه رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وهذا هو مقتضى المعنى.
وبعض أهل البدع الذين قالوا: إن معنى الزيادة هنا: زيادة النعيم، يقال لهم: إن صيغة الحسنى صيغة تدل على المبالغة في الحسن.
فمعنى الحسنى: الشيء الذي بلغ الغاية في الحسن، وإذا بلغ الغاية في الحسن فالزيادة عليه تدل على أنه لم يبلغ الغاية، فتصبح الصيغة صيغة ضعيفة وليست صيغة صحيحة، وحينئذ يكون التركيب القرآني تركيب غير سليم، وهذا ما يدل على أن تفسيرهم باطل؛ لأن القرآن قرآن مبين، وأنزل بلسان عربي مبين كما أخبر الله عز وجل، فلما أخبر أن للذين أحسنوا الحسنى، يعني: الجنة التي بلغت الغاية في الحسن وزيادة.
دل هذا على أن الزيادة هذه غير الحسنى التي أعطوا إياها، فيدل على أن الزيادة: رؤية الله عز وجل النقل والعقل.
فأما النقل: فهو ما رواه مسلم من حديث صهيب، وقد سبق.
وأما العقل: فهو أيضاً كما سبق تقريره من أنه لو كانت الزيادة تعني: الزيادة في النعيم لما كان للتعبير بالحسنى معنى.
فلما عبر بالحسنى عن الجنة وهي التي بلغت الغاية في الحسن، ودل هذا على أن الزيادة ليست زيادة في النعيم الذي يكون في الجنة.