من الصفات الاختيارية: صفة المحبة، يقول الله عز وجل: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:195].
ويقول سبحانه وتعالى: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات:9].
ويقول تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:7].
وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222].
وقوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31].
وقوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54].
وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف:4].
وقوله: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [البروج:14].
فالمحبة من الصفات الفعلية الثابتة لله سبحانه وتعالى التي يفعلها متى شاء كيف شاء سبحانه وتعالى، وقد تنوعت دلالات الكتاب والسنة على إثبات هذه الصفة، فتارةً ينص فيها باسم المحبة، كقوله تعالى: {يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:195]، {يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة:42]، {يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [آل عمران:76]، {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222]، إلى آخر الآيات.
وتارة تأتي باسم الخلة، والفرق بين الخلة والمحبة هو: أن الخلة أعلى درجات المحبة، ويدل على ذلك قول الله عز وجل: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء:125].
وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ولقد اتخذ الله صاحبكم خليلاً) رواه مسلم، ويريد بصاحبكم نفسه.
وأيضاً: جاءت الدلالة على محبة الله عز وجل في اسمه الودود، وقد ورد في القرآن الكريم في موضعين: الموضع الأول: قول الله عز وجل: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [البروج:14].
الموضع الثاني: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود:90].
والودود: فعول يأتي بمعنى: فاعل أي: وادًّ، ومعناه: محب، والمودة والمحبة بمعنى واحد، ويأتي بمعنى: مفعول، فودود بمعنى: مودود، أي: محبوب، فالله عز وجل يحِب ويحَب، فهو يحب الصالحين الطيبين، ويحب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق والإخلاص والتوحيد، ونحو ذلك من المخلوقات الشريفة أو من الأوامر التي أمر بها، وكذلك هو سبحانه وتعالى محبوب من عباده الصالحين الطيبين الموحدين.
والدليل على أنه محبوب قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31].
وقوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54]، فيه إثبات أن الله عز وجل يحب، وأن الله عز وجل محبوب عند عباده الطيبين.
ووجه الدلالة من هذه الآيات التي ساقها المصنف واضح، وقوله تعالى: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات:9] المقصود بالقسط هنا: العدل، وقد أعجبني تعليق ممتاز للشيخ محمد العثيمين في شرح هذه الآية في تفسيره لهذه الآية، فإنه عند حديثه عن القسط وأنه العدل، قال: إن الشرع جاء بالأمر بالعدل، ويخطئ من يقول: إن الإسلام دين المساواة، ويقصد بالمساواة أن كل شيء يساوي بعضه بعضاً.
ومما يخطئ فيه بعض الدعاة إلى الله عز وجل عند ردهم على دعاة تحرير المرأة أنهم يقولون: الرجل مساوٍ للمرأة، فبعض الدعاة يرد عليهم ويقر لهم بهذه القاعدة ويقول: نعم، هو مساو للمرأة لكن ينبغي للمرأة أن تحافظ على شرع الله، فالإقرار لهم بهذه المقدمة إقرار خاطئ، فإن المرأة ليست مساوية للرجل، فهي مختلفة عنه في أشياء كثيرة، مختلفة عنه في الصفات والخلقة وفيما أمر الله عز وجل وفي طبيعتها وفيما يتعلق بها من أوامر الشرع، ولا يعني هذا أن المرأة مهانة في دين الله، فهي معززة ومكرمة لكن ليست مساوية للرجل، ولا يعني تعزيز المرأة وتكريمها أن تكون مساوية للرجل، وكلمة المساواة شعار لطائفة من الطوائف الإجرامية الخبيثة وهي: الماسونية، فإن الماسونية اتخذوا هذه الكلمة شعاراً للحرية والمساواة، فالمساواة يعتبرونها شعاراً، ولا ينبغي أن يطلقها الإنسان، ويمكن لكم أن تراجعوا كلام الشيخ محمد بن عثيمين فهو كلام نفيس وممتاز جداً.
فصفة المحبة ثابتة لله عز وجل من ثلاثة أوجه: من وجه التصريح بالمحبة، ومن وجه إثبات الخلة، ومن وجه اسمه الودود.
أما أهل البدع فإنهم ينفونها ويؤولون معناها، فالجهمية تنفيها أصلاً، والمعتزلة تنف