يقول الله تعالى: {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} [الكهف:39].
هنا تقدير، يعني: قلت: هذا ما شاءه الله.
وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة:253]، موضع الشاهد: (يريد).
وقوله: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} [المائدة:1]، فيها إثبات صفة الإرادة.
وقوله: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام:125].
ففي هذه الآيات إثبات صفة الإرادة لله سبحانه وتعالى، وهي صفة ثابتة لله عز وجل بالعقل وبالشرع، وقد أشار شيخ الإسلام في شرح العقيدة الأصفهانية إلى جانب الاستدلال العقلي، وأشهر دليل يستخدم في إثبات صفة الإرادة: إن الله عز وجل عندما خلق المخلوقات خصص بعضها بأشكال وألوان في الطول والقصر، والبياض والسواد، وخصصها بأنواع مختلفة.
هذا التخصيص دليل على وجود إرادة عند المخصص وهو الخالق سبحانه وتعالى، فلو لم تكن هناك إرادة لما كان هناك تخصيص، فبعض الخلق جعلهم الله عز وجل بيضاً، وبعضهم سمر، بعضهم طويل، وبعضهم قصير، بعضهم عمره طويل، وبعضهم عمره قصير، بعضهم ذكر، وبعضهم أنثى، بعضهم إنسان، وبعضهم حيوان، بعضهم حي، وبعضهم جماد.
هذا التخصيص يدل على أن الخالق الذي خلقهم له إرادة جعلت بعضهم هكذا، وبعضهم هكذا لحكمة، ففيه إثبات صفة الإرادة، وفيه إثبات أيضاً: صفة الحكمة.