قال رحمه الله تعالى: (وكل شيء يجري بتقديره ومشيئتِه، ومشيئتُه تنفذ لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم، فما شاء لهم كان، وما لم يشأ لم يكن، يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلا، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلا).
يقرر المؤلف في هذه الجملة عموم مشيئة الله، وأنها شاملة لكل شيء، فكل شيءٍ يجري بتقديره ومشيئته؛ كحركات الأفلاك، وتصريف الرياح، وحركات الناس كلها تجري بعلمه وبمشيئته قد سبق بها العلم، والكتاب.
(لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم) فالعباد لهم مشيئة، وأفعالهم نوعان:
اختيارية؛ فالإنسان يذهب ويجيء، ويأكل ويشرب، ويتكلم، ويضرب، هذه حركات اختيارية.
وأفعال لا اختيارية كحركة النائم، والمرتعش، فهذه يقال لها: لا إرادية.
ومشيئة العباد مقيدة بمشيئة الله، قال تعالى: ((لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ)) بإثبات المشيئة للعباد ((وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)) [التكوير: 29] ففي هذه الآية رد على طائفتين: الجبرية، والقدرية؛ فقوله: ((لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ)) رد على الجبرية، وقوله: ((إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ)) رد على القدرية نفاةِ القدر.