عنه، كما تقدم (?) في التنبيه على دوام كماله (ما زال في صفاته قديما قبل خلقه).
فنقول: ما زال بكل شيءٍ عليما، وعلمه تعالى مطابق للواقع؛ لأن ما لم يطابق الواقع جهل.
وأما ما جاء في القرآن مما قد يفهم منه تجدد العلم، كقوله تعالى ((وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ)) [البقرة: 143] وقوله تعالى: ((أفحسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله))، وقوله تعالى: ((أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا))، فالمراد به علمه تعالى بالشيء موجوداً.
ولهذا بعضهم يعبّر عنه بـ (علم الظهور، أوعلم الوجود).
فالله تعالى قبل أن يخلق الخلق يعلم أحوالهم، وصفاتهم، ومن يطيعه، ومن يعصيه، لكن هل يعلمهم موجودين؟ لا؛ بل يعلم أن ذلك الشيء سيكون، فإذا وجد علمه موجوداً.
فهو تعالى يعلم من يجاهد، ومن لا يجاهد، ومن يصبر، ومن لا يصبر، ويعلم من يقبل تشريعه في أمر القبلة، ومن لا يقبل، ومن يتبع الرسول، ومن لا يتبع الرسول ... إلخ
يعلم أنه سيكون وهم غير موجودين، فإذا وجدوا علمهم موجودين، والثواب والعقاب مرتبٌ على ما يوجد بالفعل، هذا مقتضى عدله وحكمته.
فالله لا يجزي العباد بموجب علمه قبل خلقهم؛ بل يجزيهم على ما وقع منهم بالفعل.
والله تعالى يعلم ما لا يكون لو كان كيف يكون، وشاهد هذا في