قال الشارح ابن أبي العز (?) في معرض ثنائه على العلماء وأن الله: «جعلهم بمنزلة النجوم يهدى بهم في ظلمات البر والبحر، وقد أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم؛ إذ كل أمة قبل مبعث محمد - صلى الله عليه وسلم - علماؤها شرارها إلا المسلمين؛ فإن علماءهم خيارهم؛ فإنهم خلفاء الرسول من أمته، والمحيون لما مات من سنته».
وهذه المقولة ليست مستقيمة عندي؛ فالأمم الماضية كبني إسرائيل فيهم العلماء المهديون المهتدون، قال تعالى: ((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)) [السجدة: 24]، ((وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)) [الأعراف: 159]، وكذلك بالعكس فهذه الأمة فيهم العلماء المهديون المهتدون المقتدى بهم الذين يصدق عليهم ما جاء من الثناء على أهل العلم وأنهم ورثة الأنبياء، وفيهم علماء السوء؛ مثل أئمة أهل البدع؛ فإنهم ليس لهم حظ من الثناء الذي جاء في الكتاب والسنة للعلماء، فهذه الأمة فيها فرق ضالة، فلو خص هذا بعلماء أهل السنة فنعم، أما على الإطلاق أن علماء المسلمين هم خيارهم فلا يصح، ولاشك أن العلماء المعنيون الذين اقتفوا آثار نبيهم وآثار أصحابه هم خير هذه الأمة بعد الصحابة رضي الله عنهم.
فينبغي أن نتواصى بتحصيل المزيد من علم الكتاب والسنة، ومهما بلغ الإنسان من التحصيل والعلم؛ فإنه لا يزال يطلب العلم والفائدة ويسأل العلماء، والعلماء يسأل بعضهم بعضا، ويرجع بعضهم لبعض كما كان يفعل الأئمة الكبار في صدر هذه الأمة.
وينبغي للمسلم أن يكون متواضعا لا يأنف عن أن يستفيد ممن فوقه، أو مثله، أو دونه، فقد يجد الفائدة عند من هو دونه في العلم وفي