الدليل حاشاهم من ذلك، ومن ظن ذلك فهو متجن عليهم ومسيء للظن بهم، فإذا ثبت عن أحدهم أنه خالف دليلا من كتاب أو سنة، فيجب الاعتذار عنه بما يمكن.

وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية رسالة صغيرة اسمها: «رفع الملام عن الأئمة الأعلام» (?)، وذكر أعذار العلماء في مخالفة بعضهم لبعض الأدلة، وأهمها: عدم بلوغ الدليل، فقد يخالف الدليل؛ لأنه لم يبلغه.

أو بلغه من طريق ضعيف، فيعتقد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقله.

أو بلغه وصح عنده لكنه لا يعتقد أن المراد به هذا الحكم؛ فيفهمه فهما قد يكون خلاف ما يقتضيه ظاهره، فيكون متأولا للحديث باجتهاد لا عن هوى.

أو يعرض له ما يجعله يظن أنه منسوخ.

فهذه أهم الأعذار التي يعتذر بها عن العلماء إذا خالف أحدهم دليلا من كتاب أو سنة.

ومعروف أن مخالفة الآية لا تكون إلا بتأول؛ لأن القرآن قطعي الثبوت.

وقوله: (ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل)

قال تعالى: ((وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)) [النساء: 115].

فهذا وعيد لمن انحرف عن سبيل أهل العلم والدين، وهذه الآية قد استدل بها الشافعي على حجية الإجماع (?)، فمن عدل عن سبيل ما أجمع عليه المؤمنون؛ فإنه متوعد بهذا الوعيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015