فأخذها ابن الخطاب فلم أر عبقريا من الناس يَنْزِع نزع عمر، حتى ضرب الناس بعَطَنٍ) (?). أي: سقى للناس، وهذا ما وقع في خلافته من استقرار الأمر، وانتشار الإسلام، وكثرة الفتوح.
فتأولها أهل العلم (?) على أمر الولاية والخلافة من بعده - صلى الله عليه وسلم -، فأبو بكر ولي الأمر بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - مدة قصيرة سنتين وأشهر، وحصل في ولايته خير كثير ومن أعظم ذلك تثبيت أمر الإسلام ودولته، وقتال المرتدين، ورد كثيرا منهم إلى الإسلام.
وأظهر الأقوال عندي فيما ثبت به أمر الخلافة هو أنها ثبتت بالنص الخفي والإشارة؛ إذ ليس هناك نص جلي يقول: الخليفة من بعدي هو أبو بكر، لكن هذه النصوص بمجموعها تدل دلالة بينة على أن أبا بكر هو الأحق بالأمر، وأنه الخليفة من بعده - صلى الله عليه وسلم -، ثم وفق الله أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاختياره عندما اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة، وقال قائل منهم للمهاجرين: «منا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: نحن الأمراء وأنتم الوزراء، فبايِعوا عمر أو أبا عبيدة بن الجراح، فقال: عمر بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس» (?).
ولم يخالف في ذلك من يعتد بخلافه، فلا نزاع بين الصحابة في أن أبا بكر - رضي الله عنه - أفضلهم، كما في حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه -، قلت يا رسول الله: (أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قلت: من الرجال؟ قال: أبوها، قلت: ثم مَن؟ قال: عمر فَعَدَّ رجالا) (?).
فهو أحب الناس إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأَمَنِّهم عليه في صحبته وماله،