ثم منهم من فسر هذه الأمور بأشياء مخلوقة؛ ففسر المحبة والرضا بالنعم المخلوقة، وفسر الغضب والسخط والكراهة بالعقوبات التي ينزلها الله بالعصاة.

ومنهم من فسرها بالإرادة مثل الأشاعرة فسروا المحبة والرضا بإرادة الإنعام، والغضب والسخط والكراهة بإرادة الانتقام؛ لأن الإرادة مما يثبتونه من الصفات السبع.

أما أهل السنة والجماعة؛ فإنهم يثبتون هذه الصفات على حقيقتها لله تعالى على ما يليق به سبحانه، على الوجه الذي لا يماثل فيه صفات المخلوقين.

ومن الطوائف من أثبت الغضب والرضى لله تعالى، لكن قال: إنها صفات ذاتية قديمة لا تتعلق بها المشيئة كما ذهب إلى ذلك الكلابية، فقالوا: إنه تعالى يغضب ويرضى، لكن غضبه ورضاه لازمان لذاته؛ كحياته وعلمه، ولا يتعلقان بمشيئته.

وهذا باطل؛ بل هو تعالى يغضب ويرضى بمشيئته، ولغضبه ورضاه أسباب يحدثها سبحانه وتعالى.

وفي الحديثين السابقين: حديث الشفاعة: (إنَّ ربي غَضِب اليوم غضبا) رد عليهم؛ فهذا الحديث نص على أن هذا الغضب إنما كان في ذلك اليوم.

وحديث أبي سعيد - رضي الله عنه -، وقول الله تعالى لأهل الجنة: (أُحِلُ عليكم رِضْواني فلا أسْخَطُ عليكم بعده أبدًا) دليل على أنه تعالى يحل رضوانه في ذلك الوقت، وأنه قد يحل رضوانه ثم يسخط، كما أنه تعالى يسخط ثم يرضى على من شاء من عباده.

وينبغي أن يعلم أنه لا تلازم بين محبته ورضاه، أو غضبه وسخطه تعالى وبين مشيئته، فليس كل ما شاءه الله يكون محبوبا له كما تزعم الجبرية؛ فعندهم: أن كل ما شاءه فقد أحبه، وكل شيء يجري بمشيئة الله؛ إذًا فكل شيء محبوب له!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015