الانتفاع، وهذا جواب سديد قريب بيَّن (?)، كما دلت على ذلك هذه النصوص، الصدقة عن الميت، والصوم الواجب عن الميت، والحج عن الميت، والدعاء؛ بل وقضاء الدين، كما في حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - عندما ضمن الدين عن الميت؛ فبرئت ذمته، وصلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - (?).
وأما قوله تعالى: ((وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) [يس: 54] وأشباهها من القرآن فيقال فيها ما قيل في الآية التي قبلها: إن الإنسان لا يُجزى إلا بعمله، هذا الذي يستحقه بوعد الله، وهو لا ينفي أن ينتفع بعمل غيره إذا أهداه إليه، وتصدق به عليه.
وأولى من هذا الجواب بالنسبة لهذه الآية: أن يقال: هذه الآيات إذا تأملنا القرآن نجد أن كل ما ورد فيه بهذا المعنى يختص بالجزاء على السيئات: ((فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئَاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) [يس: 54]، ((فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) [الطور: 16] وهذا المعنى في القرآن كثير، فيكون موافقا لقوله سبحانه: ((وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)) [الأنعام: 164]، فالإنسان لا يعاقب إلا بذنبه، لا يعاقب بذنب غيره.
ومسألة انتفاع الأموات بسعي الأحياء ذكرها ابن القيم في كتابه «الروح» (?) وبسط القول فيها، وذكر أقوال الناس، وما ذكره ابن أبي العز في شرح الطحاوية هو ملخص من ذلك الكتاب، وذهب ابن القيم، فيه إلى القول بانتفاع الأموات بسعي الأحياء مطلقا، وعلى هذا فمن أخذ بهذا عن اجتهاد، أو تقليد لمن يذهب إلى ذلك؛ فلا شيء عليه.