لعذبهم وهو غير ظالم لهم) (?) فلن يعذبهم إلا بما يقتضي تعذيبهم، وهو قادر أن يعذب من شاء بغير ذنب، أو يعذب من شاء بذنب غيره؛ لكنه لا يفعل ذلك لكمال عدله سبحانه، وقد حرم الظلم على نفسه كما في الحديث القدسي عن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال: قال الله تعالى: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما؛ فلا تظالَموا) (?) فهو لا يظلم ولا يرضى الظلم من أحد من العباد، ولذا حرمه على عباده في شرائعه التي أنزلها على رسله.
وإذا عرض للإنسان شيء من الحوادث فعليه أن لا يُحَكَّم عقله الناقص، فكثير من الخلق لقصور علمهم وضعف إيمانهم يعترضون في نفوسهم، أو يتكلمون بألسنتهم على تدبيره تعالى، فتسمع بعضهم يقول ـ إذا ابتلى الله عبدًا ببلاء ـ: (فلان والله ما يستاهل)، وهي عبارة مشهورة عند العامة، وهي تعني: أن الله ابتلى هذا العبد، وهو ليس أهلا لهذا، وهذا اعتراض على تدبير الرب؛ بل يجب الإيمان بحكمة الرب في تدبيره وكمال عدله سبحانه وتعالى، هذا أصل يجب العناية به علما وتفكيرا وتقريرا، وهو الإيمان بكمال عدل الرب سبحانه وتعالى في خلقه وأمره وجزائه، فلا تعارض قدر الله بقولك: لِمَ جرى كذا؟ ولِمَ كان كذا؟ فأي خاطر يتضمن الاعتراض على تدبير الله فيجب على المؤمن أن يدفعه بإيمانه بأن الله تعالى حكيم له الحكمة البالغة في كل تدبير وتقدير (?).
وقوله: (تقدس عن كل سُوء وحَين، وتنزه عن كل عيب وشَين).
تقدس وتنزه، عبارتان بمعنى واحد، والشيخ الطحاوي كثيرا ما ينوع ويتفنن في العبارات، وهذه المادة (تقدس) موجودة في القرآن كثيرا فاسمه تعالى: (الْقُدُّوسُ) [الحشر: 23]، وقالت الملائكة: ((وَنَحْنُ نُسَبِّحُ