وقوله: (ولم يكلفهم الله تعالى إلا ما يطيقون) أي: ما يستطيعون، قال الله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286] {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7] وقال سبحانه وتعالى ـ في الدعاء الذي علمه لعباده ـ: {رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286] قال الله تعالى: «قد فعلت» (?).
وهذا من رحمة الله بعباده، وحكمته في شرعه، وهو من اليسر الذي أراده الله بعباده: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 135]، وبهذا اليسر رفع الحرج عن عباده، قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] فله الحمد على ذلك كثيرا.
وقوله: (ولا يطيقون إلا ما كلفهم)
هذه العبارة فيها نظر، فالعباد يطيقون أكثر مما كلفهم الله؛ إذ لو كانوا لا يطيقون إلا ما كلفهم؛ فمعناه: أنه كلفهم غاية طاقتهم، فلا يقدرون على شيء بعدها؛ بل ما كلفهم الله هو أقل مما يستطيعونه، ولله الحمد، فقد كلفهم صيام شهر في السنة، أليسوا يطيقون أن يصوموا شهرين؟ بل يطيقون أن يصوموا ثلاثة لو كلفهم بذلك.
وقوله: (وهو تفسير «لا حول ولا قوة إلا بالله»)
تفسير «لا حول ولا قوة إلا بالله»: لا تحول من حال إلى حال، ولا قوة على أي أمر إلا بالله.
والإقرار بذلك واستحضاره وذكره يتضمن التوكل على الله والاستعانة به، ولهذا شُرع لمن يجيب المؤذن أن يقول عند قول المؤذن: «حي على الصلاة، حي على الفلاح»: «لا حول ولا قوة إلا بالله» (?)، استعانة بالله على الإجابة إلى ما دعي إليه.