ونعيمه من الإيمان باليوم الآخر؛ فإن الإيمان باليوم الآخر يدخل فيه ما يكون بعد الموت.

والإيمان بفتنة القبر وعذابه ونعيمه من الإيمان بالغيب؛ لأن الله ستر عن الخلق أحوال أهل القبور، وربما كشف لمن شاء بعض ذلك، وقد أطلع الله سبحانه نبيه - صلى الله عليه وسلم - على حال صاحبي القبرين فقال لما مَرَّ بهما: {إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير} (?). فأطلعه تعالى على حالهما، وسبب عذابهما، ولما سمع - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم صوتا قال: (يهود تعذب في قبورها). (?)

قد يُكشف لبعض العباد شيء من أحوال أهل القبور، وفي هذا أخبار كثيرة، يذكرها المعنيون بهذا من أهل العلم (?)، وفيها تصديق لما أخبر به - صلى الله عليه وسلم -، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يُسمعكم من عذاب القبر ما أسمع) (?) لو كشف للناس أحوال أهل القبور لفروا وهاموا على وجوههم، ولما دفنوا موتاهم.

وأنكر عذاب القبر ونعيمه وسؤاله وفتنته الملاحدة الزنادقة (?) ويلزم على قول من يقول: إن الروح عرض وليست شيئا قائما بنفسه؛ أنه ليس هناك عذاب ولا نعيم؛ لأنها معدومة، ولهذا قال ابن القيم في النونية (?) ـ لما ذكر أمر الأرواح وبقاءها ـ:

وَكَذلِكَ الأروَاحُ لاَ تَبلَى كَمَا ... تَبلَى الجُسُومُ وَلاَ بِلَى اللُّحمَانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015