وأنه يكون بتصديق بالقلب وبالإقرار، وهنا أراد أن يفسر الإيمان ببيان ما يتعلق به فالتصديق بالجنان والإقرار باللسان، بأي شيء؟ فكأنه يقول: الإيمان هو التصديق بالجنان والإقرار باللسان بهذه الأمور الستة، وهذه الأصول الستة هي أصول اعتقاد أهل السنة، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مطلع العقيدة الواسطية: «فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة ـ أهل السنة والجماعة ـ: الإيمان بالله وملائكته ورسله والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره» (?)، فالإيمان بهذه الأصول إجمالا فرض عين على كل مكلف، أما الإيمان والعلم بهذه الأصول تفصيلا فهو من فروض الكفاية؛ لكن من علم بشيء من علم التفصيل؛ وجب عليه الإيمان به، وهذا الكلام فيه تكرار؛ لأن الطحاوي ـ رحمه الله ـ ذكر الأصول الثلاثة فيما تقدم بقوله: (ونؤمن بالملائكة، والنبيين، والكتب المنزلة على المرسلين) (?) وسبق الكلام على هذه الأصول الثلاثة: الملائكة والكتب والرسل هناك، وتقدم ما يتعلق بالإيمان بالله عند قوله: (إن الله واحد لا شريك له) (?).
وأما الإيمان باليوم الآخر، فهو الأصل الخامس من أصول الإيمان، وقد ذكره الله في كتابه وفصَّل الخبر عنه تفصيلا عظيما، لم يتقدم مثله في كتاب من كتب الله المنزلة، فذكر الله الإيمان باليوم الآخر على سبيل الإجمال، كما في قوله تعالى {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ)) [البقرة: 177]، ((وَمَن يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا)) [النساء: 136].
أما التفصيل؛ فكثير جدا؛ فسورة الواقعة والحاقة والتكوير